سلمان بن محمد العُمري
يقف الكاتب حائراً من أين يبدأ حديثه حينما تكون الأحداث والمواقف المتداخلة تحمل من المعاني الكبيرة ذاتها بين الحدث وردود الأفعال وصداها، فحين أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - أوامر ملكية عدة، وكان من أبرزها إعفاء صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز من ولاية العهد ومن منصب نائب رئيس مجلس الوزراء بناء على طلبه، وتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية، وتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولياً لولي العهد ونائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع، وإعفاء صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل من منصبه لظروفه الصحية وتعيينه وزير دولة وعضواً بمجلس الوزراء ومشرفاً على الشؤون الخارجية، هذه القرارات الكبيرة لم تكن حديث الرأي العام المحلي فحسب بل كانت تتصدر نشرات الأخبار العالمية في جميع وسائل الإعلام، في فجر ذلك اليوم صدرت القرارات وفي اليوم ذاته بل سويعات قليلة سارت جميع الأعمال والمصالح بانسيابية وبهدوء تام ولله الحمد، ثم تلى ذلك مراسيم البيعة، وفي ذلك المساء كان هناك العديد من المواقف الإيجابية التي تستحق الوقفات والإشادة لما تحمله من معاني قيمة تؤكد أصالة هذه البلاد ورجالها، ومن هذه المواقف، حينما تقدم صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز بمبايعة ابن أخيه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف على ولاية العهد، ومن الصور الجميلة الأخرى، قيام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بتقبيل يد صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله وزير الحرس الوطني، وفي المساء ذاته يزور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أخيه الأمير مقرن في منزله في جو أخوي مفعم بالمحبة والولاء، ثم يبعث - حفظه الله -، برقيتين لأخيه صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود، وللأمير سعود الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود أشاد فيهما - حفظه الله - بمسيرة الأميرين، وخدمتهما للوطن على مدار عقود مضت، مؤكداً بأنهما سيظلان قريبين منه.
ولا ننسى في ذاك المساء صورة جميلة تحمل معاني كبيرة حين قام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولي العهد، بالتوجه مباشرة نحو معالي الشيخ الدكتور صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء فور دخول الشيخ لقصر الحكم ويقبله على جبينه. وكذلك الصورة المماثلة للتقدير والاحترام حينما فعل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ذلك مع سماحة مفتي البلاد الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، وهذا ما رأيناه في لقطات عابرة وصور الوفاء لا تعد ولا تحصر.
وأما القرارات الملكية فهي امتداد لجهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في رسم سياسة المستقبل للمملكة العربية السعودية والانطلاق نحو مرحلة جديدة على رواسخ ثابتة، فالإسلام سيظل بحول الله وقوته عقيدة وسلوكاً ومنهاج حياة الركيزة الأولى واللبنة الأساسية التي بني عليها أساس الحكم في هذه البلاد المباركة منذ نشأتها إلى اليوم، فالإسلام الحنيف والدعوة إليه وتحكيم شريعته أمر أصيل لا ينفصل إطلاقاً عن الحياة السياسية والعامة وأدبياتها لدى البيت السعودي. وإذا كانت الدول والبلدان تعاني من اضطرابات وانتكاسات وتناحر داخلي وخارجي فإن بلادنا الغالية -حرسها الله وحفظها من كل مكروه- تسير بخطى ثابتة. بل وتدشن مرحلة جديدة سايرة -بعون الله ثم بحنكة قائدها سلمان بن عبدالعزيز - في مسار هادي يستشرف المستقبل ويؤكد على الثوابت وبمرحلة انتقالية كبيرة ندر مثيلها في التاريخ من حيث الطمأنينة والاستقرار، وستواصل -بإذن الله- هذه البلاد وهذا الكيان النموذجي الفريد بكل المقاييس والأبعاد العمل على تأكيد مكانة المملكة ورفعتها واستقرارها ورفاهية مواطنيها والحفاظ على مكتسباتها بلا ملل ولا كلل تحت توجيهات الملك الهمام سلمان بن عبدالعزيز ومعاونيه، وستشق طريقها داخلياً وخارجياً بما يواكب مستجدات العصر.
في أقل من ثلاثة أشهر من تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم وبخطى ثابتة متوازنة سجلت المملكة حضوراً فاعلاً وثقلاً لا يستهان به على الصعيد الخارجي عربياً وإسلامياً ودولياً، إلى جانب التغييرات الوزارية شبه الشاملة وضخ دماء جديدة وحيوية وإسناد الحقائب الوزارية لها. وما كانت هذه المنجزات الضخمة التي تشبه المعجزات لتتحقق لولا فضل الله عز وجل ثم الإرادة القوية التي يتمتع بها خادم الحرمين الشريفين.
للحديث بقية.