سلمان بن محمد العُمري
أعلن وزير التعليم د. عزام الدخيل عن تأسيس إدارة تعنى بدراسات الأمن الفكري، تحت إشراف ومتابعة مركز الدراسات الإستراتيجية التابع للوزارة، لتعمل هذه الإدارة على تبني وإطلاق مبادرات عدة، تشمل شرائح منسوبي التعليم كافة، في جميع مناطق المملكة، وهو مشروع وطني واسع النطاق، يتكامل مع الجهود المبذولة على مستوى الجهات الرسمية والمجتمعية كافة.
وخطوة وزارة التعليم مطلب ملح تفرضه الضرورة للإسهام في اجتثاث التطرف الفكري والانحرافات الفكرية في المجتمع.
في كتابي الموسوم بـ «خطورة الإرهاب ومسؤولية الأمن الفكري» الذي صدر قبل سنوات عدة جاء ضمن توصياته ضرورة العمل على تحصين الشباب والناشئة من الأفكار المنحرفة والضالة، وذلك عن طريق المؤسسات الشبابية والتعليمية ووقايتهم، لأن الوقاية خير من العلاج، مع أهمية قيام الجامعات السعودية بتخصيص دراسات وبحوث أكاديمية في مرحلتي الماجستير والدكتوراه عن الإرهاب ومسبباته وعلاجه والعوامل المساعدة في قيامه ونشوئه دينياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً.
وتعرضت في الدراسة البحثية لبيان أهمية الأمن الفكري، وأن العلماء المتقدّمين صنِّفوا في تأصيله والتحذير من ضده، كما بينت الحاجة إلى تأصيل هذا المنهج في المدارس والجامعات حماية للفكر من الغلو والتطرف.
لقد دأب الإسلام على حماية الأمن الفكري عند المسلمين، فالله - عز وجل - ينكر على أهل الكتاب غلوّهم في الدين حماية للمسلمين، وتحذيراً لهم ونهياً عن أن يسلكوا طريقهم في الغلو والتطرف فقال - تعالى -: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ} (171) سورة النساء.
والرسول - صلى الله عليه وسلم - يحذر من الغلو فيقول: «إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين». ونهى - صلى الله عليه وسلم - عن تكفير المسلم، فقال: «أيما رجل قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما».
والحديث قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - لزجر المسلم عن أن يقول ذلك لأخيه المسلم، وفي هذا التحذير حماية للشباب من الوقوع في مثل هذه المسالك التي تفتك بالمجتمع المسلم وتقطع أوصاله.
ولأهمية الأمن الفكري، صنف العلماء المتقدمون في تأصيله والتحذير من ضده، فهم على سبيل المثال: الإمام البربهاري، صنف كتاباً سماه: (شرح السنة)، وذكر فيه السمات الفاصلة بين الاعتدال والتطرف، حماية للفكر من اللوثات والشبهات، فقال - على سبيل المثال -: (إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح، فاعلم أنه صاحب سنة).
فما أحوجنا اليوم إلى تأصيل هذا المنهج وتدريسه في المدارس والجامعات حماية للفكر من الغلو والتطرف..وللحديث بقية