حسن اليمني
ماحدث في قديح القطيف ومسجد العنود من جرم إرهابي دنيء وما قد يحدث هو جزء من الثمن المتوقع دفعه في مقابل عاصفة الحزم الجسورة النبيلة، والأمر ليس مفاجئاً للكثيرين رغم فجيعته وآلامه، فبلادنا وقوات التحالف العربي الإسلامي تخوض حرباً دفاعية ضد صائل اعمته الضلالة وطيش الجهل ليعمل منذ فترة طويلة على زعزعة أمن واستقرار المنطقة دون إدراك لخطورة عمله، وفي الحروب لابد من تقبل بعض الآلام والاذى.
إن أخطر ما يمكن أن يقع هو أن يتحول البعض دون دراية إلى أداة مساعدة للعدو من حيث لا يعلم، فإذا كان الهدف من هذه الأعمال الإرهابية الإجرامية هو المحاولة لدق إسفين في لحمة الوطن والتسلل من خلال منافذ الاختلاف في مكونات المجتمع مذهبياً وطائفياً وحتى مناطقياً فإن إثارة نقاط الاختلاف أو بحث أبعادها في لحظة تستوجب الاصطفاف هو عون ودعم للعدوان وإن جاء بحسن نية ودون قصد أو تعمد أو أملته الغيرة الوطنية والحماس، فالقضية أن بلادنا تتعرض لعدوان خارجي وحين نقول بلادنا فإننا لا نقسم ولا نجزئ فالوطن وحدة واحدة وكل لا يتجزأ، والحديث بهذه الظروف عن مذهبية وطائفية سلباً أو إيجاباً هو بحد ذاته مطلب وهدف للعدو، بل إن إثارة البلبلة في وعاء الخصم هو أحد الأسلحة التي يلجأ لها المحارب لمساعدته وتدعيم قوته.. والبلبلة في الغالب تنشأ في أتون الاختلاف في الرأي والموقف للجماعة الواحدة تجاه أمور مختلف حولها.
ليس مهماً دين أو مذهب أو طائفة من قام بالعمل الأرهابي الإجرامي في المسجدين وليس مهماً مذهب وطائفة المصلين ويكفي أنهم في مسجد لأداء صلاة الجمعة إنما المهم هو أن نعي أن هذا العمل الإرهابي جزء من الحرب على بلادنا في أمنه واستقراره ووحدته.. وليس مهماً أن نسأل هل هي يران أم داعش أو هل هناك علاقة بين إيران وداعش؟.. فهذا جزء من كل وهو بمجمله عدوان مباشر على بلادنا من قبل عدو أياً كان هذا العدو وأياً كانت علاقاته، هذه التفاصيل من أعمال القيادة التي تبحث وترسم خطوط الدفاع، والواجب منا كشعب أن نكون عوناً ومعيناً لها من خلال الاصطفاف معها كوحدة واحدة دون أن ندخل في الاجتهادات الخاطئة وإثارة نقاط الاختلاف وتهويلها أو بكل أسف استعادة مقولات من هنا وهناك انتصاراً لآرائنا ومواقفنا الشخصية.
الخصم الصفوي ليس مذهبياً ولا علاقة له بآل البيت رضوان الله عليهم، فالقضية الحقيقية لديه سياسية توسعية وإنما يستخدم الطائفية والمذهبية لتحقيق أغراض توسعية إمبراطورية للقومية الفارسية على حساب ماعداها من قوميات وواقع الحال في جمهورية إيران الخمينية يثبت ذلك ويوضحه بشكل لا يحتاج لمزيد جهد لمعرفته وإدراكه، حين استحوذت على العراق العربي قيل إنها جاءت لتنصر الأكثرية المزعومة (شيعة) من سطوة حكم الأقلية، وحين توسعت في سوريا قيل إنها جاءت لتحمي الأقلية العلوية من سطوة الأغلبية (سنة) وفي اليمن دعمت عصابات قليلة العدد لتحكم بها شعب اليمن، أما في لبنان فقد احتلته بقوة سلاح ذراعها حزب الله لتجعله رهينة إذ لا أغلبية ولا أقلية هناك، أنها باختصار دولة تسعى لبناء مجد إمبراطوري تستخدم فيه المذهبية والطائفية استخدام سياسي عسكري وفي حقيقة الأمر هي ليست معنية بدين أو مذهب وإلا فإن في آذربيجان المجاورة لإيران ما نسبته 85% من الشعب هم من الشيعة ومع ذلك تقف إيران في خانة الضد لهم.
أما منظمة داعش الإرهابية والتي يرى البعض فيها نصرة للسنّة وعداء للصهيونية والصفوية فإنها صاحبة الرأي الواحد والمتنطعة بالحق دون غيرها وأن تلبست برداء سنة محمد صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين إلا أن علينا أن نتذكر أن من قتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه هم أيضا من المتنطعين بالسنّة والغيرة الدينية زوراً وبهتاناً وكذا من قتل الخليفة الراشد علي بن ابي طالب رضي الله عنه ومن المهم أن نذكر في هذا الحيز أن من قتل الخليفة الراشد الثاني هو المجوسي أبو لؤلؤة المجوسي المقام له ضريح فخم في قلب طهران، وهؤلاء وأولئك هم من يعادوننا اليوم ويقومون بهذه الأعمال الأرهابية الإجرامية في بلادنا بهدف زعزعة الأمن والاستقرار فيها.
إن الحديث اليوم عن الاختلاف في المذاهب أو البحث في المناهج التعليمية أو الأداء الخاطئ أو تحميل طرف صناعة الغلو والتطرف أو استغلال الوضع للدعوات الفكرية أو المنهجية والوطن يمر بمرحلة صد العدوان هو خطأ جسيم يدعم العدوان في تنشيط البلبلة وسط المجتمع المتوحد ويعبث بأمنه واستقراره وسلامة وحدته الوطنية مع اليقين أن هذا في الغالب ليس إلا اجتهادات في الغالب هي بريئة ولكن بكل صدق جهل يزيد أعباء الدفاع ويعين المعتدي، الوقت الآن ليس وقت تنظير ونظريات بل اليوم كلنا سعوديين وكل اعتداء على بلادنا ولو حتى بالكلمة من أي كائن من كان داخلياً أو خارجياً هو اعتداء علينا جميعاً.