لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود (كاريزما) واضحة بارزة تجمع بين الهيبة والابتسامة, جديته حاسمة قاطعة مهيبة وابتسامته صافية بريئة ساحرة, رجل حاضر الدور في كل مراحل الوطن منذ التأسيس مرورا بعهود الملوك الراحلين, سعود, فيصل, خالد, فهد وعبدالله رحمهم الله, ولم يكن يوما بعيدا عن إدارة شؤون الوطن بل كان في قلب الحدث باستمرار, وبصماته في القرار والاتجاه تحضر باستمرار, تولى الحكم الإداري لمنطقة الرياض قرابة نصف قرن من الزمن ثم انتقل إلى وزارة الدفاع ثم ولاية العهد ثم توج ملكا على البلاد بعد وفاة أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله.
وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز قارئ من الدرجة الأولى وهي قراءة لا تقتصر على الحرف وما بين السطور ولكن تمتد لقراءة التاريخ وأحداثه بل وتصل إلى قراءة الملامح والتعابير بفراسة لمّاحة وذكية, يرادف ذلك سرعة في البديهة والتقاط المغزى بشكل مذهل, وبما لهذه الصفات من ثراء وتميز لها أيضا وقع في الهيبة والقوة, ينظر له بأنه أقرب أبناء الملك عبدالعزيز رحمه الله شبها في الهيبة والحضور والصوت وحتى اللفظ والكلام, هو المؤرخ والعارف بأحوال القبائل والأسر في شتى أنحاء الوطن وهو صديق المثقفين ومتابعهم بل ومراقبهم وناقدهم أيضا, وهو أيضا القريب والمستشار لمن سبقه في الحكم من إخوانه رحمهم الله, وكل هذا وذاك يجتمع في رجل تولى زمام الحكم قبل أيام في المملكة العربية السعودية ليعطي مؤشر أمن واطمئنان راسخين للداخل والخارج.
في الداخل تعج المملكة بنهضة تطويرية في كافة المجالات وهي في حاجة شديدة لإكمال الإنجازات دون تعطل أو تأخير, خاصة وأن الأموال قد اعتمدت والعمل قد انطلق فعلا وكثير منها قد وصلت مراحل الإنجاز فيه نسب كبيرة, كما أن البعض الآخر من الإنجازات التي تحتاج إلى متابعة للوصول بها إلى الأهداف المرسومة تهتم بالتطوير والإصلاح في كافة الشؤون حتى تكون خطوات التطوير متلازمة بين المادة والإنسان وبين الحاضر والمستقبل وبين الواقع والحلم, وليس لها إلا سلمان بن عبدالعزيز القوي الأمين.
في الخارج تموج الأحداث على حدود الوطن بين الشمال والجنوب وحتى الشرق والغرب بأمواج من التقلبات المتسارعة والمتلاحقة التي سلم منها الوطن حتى اليوم, غير أنه لابد من القول إن هذه الأحداث والتقلبات استمرت في تقدم وتطور غير إيجابي فأصبحت الجمهورية السورية خارج مسميات الدول بل مثوى نزاع بين فصائل مختلفة الاتجاهات والعراق المتجه أخيرا نحو العقل بعد سنوات من التناحر الطائفي والمذهبي والعرقي دخل اليوم في خطر اللحاق بسوريا, ثم إن اليمن في خاصرتنا الجنوبية صار مرتعا لعصابة الحوثيين في غياب مؤسسات الدولة, وبين إيران المتحفزة للعب دور أكبر من حجمها وبين تركيا الجامحة لبناء واقع أفضل للمنطقة نجد غياب وهو مؤقت بإذن الله لدور مصر العظيم التي تجاورها أحداث دامية في ليبيا مع موت سريري لما يسمى سياسيا (عملية السلام) مع الكيان الصهيوني مع تمزق للوحدة الفلسطينية فكريا وثقافيا وسياسيا, وعلاوة على كل هذا انخفاض في أسعار النفط مع تحول اقتصادي عالمي تظهر ملامحه في الولايات المتحدة الأمريكية بمؤشرات لا تخفى على المتابعين واجهته تقوية الدولار مقابل العملات العالمية الأخرى لتنافس سياسي دولي قد يعيد ما كان يعرف بالحرب الباردة بين معسكرين متنافسين, ولكل معسكر حلفاء في المنطقة مع ملامح تحركات ظاهرة وخفية في التقارب والتباعد بين المصالح, ما يجعل الحاجة لتنشيط الدور السياسي المبني على استراتيجيات محددة الأهداف ومرسومة الخطوات مهم للغاية, ولخبرة وحنكة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عمق وفهم يطمئن له الجميع في الداخل والخارج بفضل الله.
وأخيرا وليس آخرا فإن لثراء تجربة الملك سلمان بن عبدالعزيز مع ما يتصف به من سمات شخصية وثقافية وسياسية قدرة هائلة لاستيعاب حاجات الوطن المستقبلية في شأنه الداخلي من حتمية التقدم نحو الإصلاح والتطوير المستمر والمتواصل برؤية الواعي المحيط بكل الأبعاد, فمنها ما يستوجب التقدم التدريجي بخطوات هادئة متتالية ومنها أيضا ما يحتاج للصدمة والمفاجأة, وهي إدارة تحتاج الدقة والمرونة والحزم والاستيعاب وهو ما يمتاز به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله.