سعد الدوسري
ما حدث في الدالوة بالأحساء، وفي القديح بالقطيف، هو استغلال للناتج التحريضي ضد المذهب الشيعي. صاحب المؤامرة يعي جيداً أن السني والشيعي يعيشان جنباً إلى جنب في المدن وفي المكاتب وفي الأسواق وفي الملاعب، بل إنهما يتصاهران، من منطلق أن الدين هو الأصل، وليس المذهب. وهذا الكلام ليس إنشائياً، بل يعرفه كل من يعيشون في المناطق التي تختلف فيها المذاهب، ومن يقول عكس ذلك، فهو واقع تحت وطأة فكرة التناحر وليس التعايش.
لن يختلف اثنان على أن هناك محرضين من الطرفين، وأن لكل محرض منطلقاً، وهو ليس بالضرورة منطلقاً إيديولوجياً، بل قد يكون جهلاً وتخلّفاً وفهماً مغلوطاً للدين. وهؤلاء تُركوا يحرضون كما يحلو لهم، إلى درجة صاروا رموزاً يُشار لهم بالبنان، في غياب تام لدور المؤسسات الأمنية والثقافية والتعليمية والإعلامية والمؤسسات المدنية، ظنّاً من هذه المؤسسات أن هذا التحريض يأتي من خلفية الخلاف الفقهي!! وفي النهاية، جرى ما جرى، سواءً في الدالوة أو في القديح.
الغريب في الأمر أن الحادث الأول قرع ناقوسَ الخطر القادم، وكان لقرعه دويٌ شديد، ومع ذلك لم يكن التحرك ملائماً للجريمة البشعة. وشاهدنا بعد التصعيد مع اليمن، أن المحرضين من الطرفين ازدادوا قوةً مع قوتهم، وأخذوا يشعلون نار الفرقة أكثر وأكثر. ولذلك، كان من الطبيعي أن يستغل الأعداء الخارجيين والداخليين هذا المناخ لكي يضربوا ضربتهم، وكانت هذه المرة موجعة أكثر. والله وحده يعلم أين وكيف سيضربون ضربتهم التالية.