جاسر عبدالعزيز الجاسر
بالرغم من أن بعض ممن خدعتهم ادعاءاتهم المذهبية وتدليسهم في الكثير من المواقف إلا أن الباحثين الذين يهتمون بتدقيق معلوماتهم يؤكدون بأن تنظيم داعش نتاج عمل استخباراتي شاركت في إنشائه، والاستفادة من خدماته دول إقليمية وأخرى دولية.
ينبه هؤلاء الباحثون إلى بدايات ظهور تنظيم داعش، مشيرين إلى العلاقة المشبوهة بين التنظيم ونظام بشار الأسد والمساعدات اللوجستية التي حصل عليها من حكومة نوري المالكي في العراق.
الأحداث التي أعقبت توسع تنظيم داعش في الأراضي العراقية والسورية، فقد وجد الباحثون أن داعش لم يخض أي مواجهات ومعارك ضد نظام بشار الأسد، كما أن عناصر التنظيم القتالية لم تستهدف الوجود الإيراني سواء في سوريا أو في العراق رغم كثافة المقاتلين الإيرانيين والميليشيات الطائفية التي تجاوزت الطائفيين السوريين والعراقيين واللبنانيين بقدوم الباكستانيين والهنود وأخيرًا الأفغان.
لم يكتف المحللون الإستراتيجيون والمختصون في بحث وتتبع إنشاء الجماعات الإرهابية على المعارك الدائرة وعدم العثور على أية مواجهة بين عناصر داعش وأي جهة تابعة لإيران سواء قوات الحرس الثوري أو الميليشيات الطائفية، إِذ إن كل نشاط تنظيم داعش وعناصره الإرهابية مكرس لقتل المدنيين العراقيين والسوريين وارتكاب الجرائم العنصرية والمذهبية التي تؤجج الفتن المذهبية والعرقية وخوض المعارك ضد قوات الجيش والأمن العراقيين واستهداف الشرطة، إِذ تتميز المعارك التي تخوضها عناصر تنظيم داعش بالشراسة والوحشية ضد المدنيين العرب والمسلمين والأقليات المدنية، وهدف التنظيم نشر الكراهية بين مكونات العرب أولاً، ونشر وتوسيع الفتن الطائفية.
ففي سوريا ركز عملياته القتالية لمحاربة الأكراد لتوسيع شقة الخلاف بين العرب والأكراد وتنمية النزعة الانفصالية لبعض الأكراد، وهو نفس ما فعله في العراق ضد القرى الكردية اليزيدية مما ساعد في تعزيز النزعة الانفصالية للأكراد، بل يطالب اليزيدين الآن بـ(جيب) حكم ذاتي ضمن إقليم كردستان الذي حقق العديد من المكاسب جراء عمليات داعش العسكرية فبسط البشمركة سيطرتهم العسكرية على جميع المناطق المتنازع عليها مع العرب السنة في ديالي ونينوى وكركوك.
وداعش وعلى عكس ادعاءاته بأنه يدافع عن وجود ومصالح أهل السنة، إِذ يعاني أهل السنة في الموصل وفي الرمادي وعموم محافظات الأنبار وديالي وبغداد وبيجي وصلاح الدين من اعتداءات عناصر داعش على المدنيين من أهل هذه المحافظات وجلهم من المدنيين الذين قتل منهم مئات الآلاف على يد عناصر داعش.
أما الملاحظة الأهم فيما رصده الباحثون أن تنظيم داعش يقوم بدور مرسوم له بدقة من قبل الدول الإقليمية التي أنشأته وقوته وهو تهيئة الأجواء والأوضاع لتنفيذ مخططات موضوعة سلفًا لاستثمار أفعال داعش، إِذ لاحظ الباحثون أن نظام ملالي إيران قد حققوا مكاسب سياسية وعسكرية كبيرة بعد ظهور تنظيم داعش، فبعد انهيار الجيش العراقي أصبح للحرس الثوري الإيراني وجود قوي في العراق، كما أن العمليات التي نفذها داعش في صلاح الدين وديالي وحزام بغداد قد أتاح للإيرانيين والطائفيين من العراقيين إجراء تغيرات ديمغرافية قلصت من وجود أهل السنة في هذه المحافظات لصالح الشيعة، كما أضعفت وبصورة كبيرة من القوة العسكرية لأهل السنة.
وقد كرر زعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادي هذا النهج التحريضي الذي عهد للميليشيات الطائفية العراقية والقوات الإيرانية توسيع نفوذها ويعطيها فرصًا أخرى وجديدة لمضايقة أهل السنة والضغط عليهم لتهجيرهم من مناطق ومدن أنشئت من قبل أجدادهم وظلوا مقيمين بها حتى تعاون تنظيم مشبوه اسمه داعش مع ميليشيات طائفية ومقاتلين غير عرب من خارج الحدود يمارسون وبدون ردع عمليات تطهير وحتى قتل لأهل السنة في بغداد ومحافظات بابل وكربلاء والنجف الذي أعلن البغدادي تهديده لاجتياح هذه المحافظات.