عماد المديفر
«مصلحة حيوية» تلك التي تجمع الولايات المتحدة الأمريكية بمنظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربي، هكذا نص بيان قمة «كامب ديفيد» التي التئمت بمبادرة من الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
وعدها مراقبون خليجيون وأمريكيون بأنها «خطوة في الاتجاه الصحيح بعد سلسلة من الخطوات المتخبطة والمترددة» من قبل أوباما وفريقه..
إذن فالشراكة الخليجية الأمريكية بعد قمة «كامب ديفيد» لم تعد «شراكة إستراتيجية» فحسب، بل أضحت «شراكة حيوية» أعمق وأرسخ من أي وقت مضى، كما جاء في البيان.. وهو ما نجح في تحقيقه ساسة أمريكيون وخليجيون على حد سواء، سعياً منهم للحفاظ على المصالح العليا للشعوب الخليجية والأمريكية. الأمر ذاته سبق ورددناه مراراً وتكراراً، بأن تحقيق العديد من المصالح الأمريكية الوطنية يحتم عليها الحفاظ على شراكتها مع حلفائها التاريخيين الصادقين في المنطقة، وتجنب الإقدام على فعل ما قد يمس هذه الشراكة، أو يضر بها، بل والعمل على تعزيزها وصولاً إلى تكامل مع منظومة مجلس التعاون الخليجي، والانطلاق منها إلى شراكة حقيقية صلبة مع بقية الدول العربية والإسلامية، وهو ما سينعكس إيجاباً على استقرار وازدهار المنطقة والعالم أجمع.
وليتضح لنا الفرق بين الشراكتين «الإستراتيجية» و»الحيوية»، فعلينا أن نعلم بداية، ما الفرق بين «المصالح الحيوية Vital Interests»، و»المصالح الإستراتيجية Strategic Interests».
إن أي عمل سياسي تقوم به دولة ما، لابد وأن يصب في سبيل تحقيق المصالح العامة لهذه الدولة كما يراها ساستها، وعند الحديث عن المصالح التي تسعى السياسة لتحقيقها والحفاظ عليها، فإن ذلك يجرنا لأربعة أنواع (أو أربع طبقات) تشكل في المجمل المصالح «الوطنية» و»العامة» وفق ما يوردها علماء السياسة، وهي المصالح العليا «Supreme Interests»، والتي سميت «عليا» لأن الدولة تتزعزع وتنهار إن هي فقدتها، كالأرض، والسكان، والأمن، والأمان. كما يدخل الدين والهوية واللغة والعقيدة ضمن المصالح العليا المعنوية. ويطلق عليها «مصالح عليا» لأنها ما يشغل فكر المسؤولين على مدار الساعة، والدولة لن تتردد في الدخول في حرب لضمانها وتأمينها وحمايتها. أما الطبقة الثانية من المصالح التي تسعى الدول لتحقيقها والحفاظ عليها، فهي المصالح الحيوية، وهي السياسات التي تتبعها الدولة لتأمين المصالح العليا بالتعاون مع الخارج، كالدخول في أحلاف، ومعاهدات دفاعية سرية وعلنية: كحلف شمال الأطلسي، وحلف وارسو، والنيتو، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية. إن عدم تأمين المصالح الحيوية يؤدي في المحصلة لخلق فرص لتهديد المصالح العليا.
أما المصالح الإستراتيجية، فهي المصالح المبنية على التفاعلات والعلاقات الدولية الثنائية والمتعددة الأطراف (اقتصادية، ثقافية،... إلخ)، والتي تشكل محور العلاقات الدولية بكافة أشكالها، سواء ما كان منها على مستوى الفرد أو الحكومات أو مجموعات المصالح أو الدولة ككل.
والطبقة الأخيرة من المصالح، هي المصالح البعيدة المدى «Long Term Interests»، وهي أقرب للطموحات والأمنيات، أي أنه إن لم تتحقق فلن تتأثر الدولة بذلك.
إذن فنحن اليوم أمام حلف دولي، حيوي، سياسي، وأمني، وعسكري، واقتصادي، وعلمي، قوي، جديد، ومؤثر.. يتشكل.. إنه «مجلس التعاون الخليجي-الأمريكي»، وحول هذا الحلف الخَيّر، أستكمل حديثي الأسبوع المقبل بمشيئة الله.. فإلى اللقاء.