الخرج - خاص بـ«الجزيرة»:
طالب باحث متخصص في شؤون الأوقاف على استقلالية « الهيئة العامة للأوقاف » تكون مرجعيتها «للملك» مباشرة وبإدارة اقتصادية شرعية وبكادر وظيفي خاص، تحقيقاً لطموح كل مواطن يحمل هم الأوقاف بأن يكون التغيير جذري للهيئة لتبديد الصورة الذهنية القديمة عن الأوقاف.
وقال الدكتور خالد بن هدوب المهيدب الأستاذ المشارك بجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز والمتخصص في شؤون الأوقاف في حواره مع «الجزيرة»: إنه لابد من تبديد المخاوف المتطبعة في أذهان الراغبين بالوقف من خشية أن يكون للهيئة تدخل في أوقافهم، مشيراً في حواره لـ «الجزيرة» إلى أن أنظمة الأوقاف المعمول بها بالمملكة مضى عليها قرابة الخمسين عاماً، وأن من أفضل أنظمة الأوقاف القائمة حالياً في عالمنا الإسلامي مدونة الأوقاف المغربية.. كما تناول الحوار مع د. خالد المهيدب عدد من الموضوعات المتنوعة بالوقف والأوقاف وسبل تطويرها.. وفيما يلي نص الحوار:
* تباينت الأرقام حول حجم الأوقاف بالمملكة فهل بالإمكان تحديد قيمة معينة لهذه الأوقاف وأحجامها؟
- ما يتعلق بحجم الأوقاف الخيرية في المملكة العربية السعودية يصعب تحديدها بشكل دقيق وذلك لعدم وجود قاعدة بيانات يمكن الرجوع إليها ولكن بداهة يعد حجم الأوقاف بالمملكة من أضخم الأوقاف بالعالم الإسلامي لكون المملكة تضم بين جنباتها الحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة ومنذ فجر التاريخ الإسلامي إلى يومنا الحاضر والواقفون يتسابقون على الوقف فيهما خاصة وفي غيرهما بوجه عام، وقيمة الأوقاف السوقية لأصول الأوقاف في ازدياد مطرد، ومما يؤكد ضخامة حجم الأوقاف الخاصة بالمملكة، تنامي المؤسسات الوقفية في الآونة الأخيرة وتصدر بعض الواقفين لتخصيص عشرات المليارات على هذه المؤسسات الوقفية وقد اطلعت على نشاط مكتب استثمارات المستقبل للوصايا والأوقاف المتخصص في ضبط الوصايا والأوقاف فوجدت أن هذا المكتب لوحده ضبط قرابة اربعمائة وقفية تقدر قيمة الأصول الموقوفة التي ضبطوها بـ سبعين مليار ريال مما يدل على تنامي حجم الأوقاف الخاصة بشكل كبير في بلادنا، بخلاف الأوقاف العامة التي تحت يد وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد وتتولى النظارة عليها والتي تقدر أصولها بأكثر من تريليون ريال.
* هل نظام الأوقاف الخيرية المعمول به يواكب حركة التطور والتنامي المتزايد للأوقاف الخيرية بالمملكة؟
- من المعلوم أن نظام مجلس الأوقاف الأعلى مضى على صدوره قرابة خمسين عاماً ولائحة تنظيم الأوقاف الخيرية مضى على إقرارها أكثر من أربعة وأربعين عاماً وعمل وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد بوصفها الناظر على الأوقاف العامة لازالت مستنداً عليهما في إدارة الأوقاف التي تتولاها الوزارة، وقد صدر قرار مجلس الوزراء القاضي بتأسيس هيئة مستقلة تعنى بشؤون الأوقاف تسند لها مهام وكالة وزارة الأوقاف بوزارة الشؤون الإسلامية إلا أن هذه الهيئة لم تر النور حتى تاريخه. ونظامها لازال تحت الدراسة وننتظر إقراره وتلافي ما تضمنته مسودته من مواد ربما تعيق عمل الهيئة وتحول دون مواكبتها لحركة التطور المتنامي في مجال الأوقاف التي تعيشها البلاد.
* ما أبرز المواد التي تضمنتها مسودة نظام الهيئة العامة للأوقاف وترون أنها محل إشكال حال إقرارها؟
- سبق أن شاركت مع مجموعة من المستشارين والقضاة والمتخصصين في مجال الأوقاف في ورشة عمل حول تنظيم الهيئة العامة للأوقاف حينما كان يدرس المشروع في مجلس الشورى وقد تم تزويد المجلس بأهم النقاط التي تستلزم تعديلها وإعادة صياغتها وإضافة بعض المواد التي تعزز الثقة ما بين الواقفين والهيئة وتسهم في ضبط الأوقاف واستقلاليتها فكان من أهم الملحوظات الجوهرية على هذا المشروع الذي طالبنا أن يكون (نظاماً) لا تنظيماً أنه يكرس عدم استقلالية الهيئة العامة للأوقاف بربطها بوزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد، وكانت المطالبة بأن تستقل الهيئة استقلالاً تاماً ويكون مرجعيتها «للملك» وأن يعين رئيسها على مرتبة وزير. أيضاً طالبنا بتبديد المخاوف المنطبعة في أذهان الراغبين بالوقف من خشية أن يكون للهيئة تدخل في أوقافهم، وأن تكون نظارة الأوقاف العامة والمشتركة للهيئة، إلا إذا اشترط الواقف أن يتولى نظارة الوقف شخص أو جهة غيرها، وأن لا يكون للهيئة تدخل في أعمال نظار الأوقاف الخاصة وإدارتها سوى الإشراف العام على تلك الأوقاف للتأكد من إنفاذ ناظر الوقف لما نص عليه الواقف.كذلك المطالبة بالإفادة من الأوقاف التي لا تعلم مصارفها في أوجه النفع العام وفق الضوابط الشرعية وغيرها من الملحوظات الجوهرية التي نتطلع أن تراعى قبل إقرار النظام لتعزيز الثقة في نفوس الواقفين وتبديد المخاوف المنطبعة في أذهان البعض وكانت سبباً في إحجامهم عن الوقف بسبب هذه الهواجس، وأدت إلى عدم توثيق البعض لأوقافهم بسبب تلك المخاوف.
* هل تتوقع أن يحصل لدينا بالمملكة نقلة في مجال الأوقاف حال مباشرة الهيئة العامة للأوقاف مهامها؟
- نعم في حال مباشرة الهيئة العامة للأوقاف لمهامها كجهة مستقلة مرتبطة بالمقام السامي مباشرة وبإدارة اقتصادية شرعية وبكادر وظيفي خاص يستقطب المميزين في القطاع الخاص للانضمام للعمل بها وتطويرها وتوسيع استثماراتها.
أما إن تم تحويل وكالة وزارة الشؤون الاسلامية للأوقاف القائمة حالياً (مع تقديرنا لما يبذلونه من جهود وفق طاقتهم) بكادرها لهيئة عامة للأوقاف فلا أظن أن الوضع سيتغير سوى المسمى فقط.
ولكن نطمح ويطمح كل مواطن يحمل هم الأوقاف أن يكون التغيير جذري للهيئة لتبديد الصورة الذهنية القديمة عن الأوقاف.
* في نظرك ما أفضل الأنظمة القائمة في العالم الاسلامي التي خدمت الأوقاف في عصرنا الحاضر؟
- من وجهة نظري أن من أفضل انظمة الأوقاف القائمة حالياً في عالمنا الإسلامي مدونة الأوقاف المغربية التي صدرت عام 1431هـ.
* سبق أن تناولت بعض وسائل الإعلام خبر إعدادكم وقفية بربع مليار لأحد رجال الأعمال بالمملكة فهل بالإمكان الإفادة من صيغة هذه الوقفية للراغبين في الوقف؟
- نعم لدينا صيغة وقفية قام بدراستها وإعدادها مجموعة من الخبراء والقضاة والمتخصصين في مجال الأوقاف والعمل الخيري ونزود بها (مجاناً) من أراد الإفادة منها في ضبط وقفه.
* في الآونة الأخيرة تبنت الغرف التجارية تكوين لجان للأوقاف فما مدى الإفادة من هذه الخطوة؟
- من الخطوات والبرامج المميزة التي تبنتها الغرف التجارية بغالب فروعها بالمملكة تأسيس لجان للأوقاف وهي المشاركات المجتمعية التي ساهمت في تسليط الضوء على الأوقاف وتحفيز رجال الأعمال والموسرين على الوقف والبذل والعطاء وتقديم الاستشارات والملتقيات التي أسهمت بشكل فاعل في نشر ثقافة الوقف.
* سبق أن نشرتم بحثاً عن الأوقاف المؤسسية فما المقصود بهذا المصطلح وماهي دلالالته؟
- يقصد بالأوقاف المؤسسية :الأوقاف التي خصص ريعها الواقف للإنفاق وجوه البر المتنوعة ويتولى النظارة عليها هيئات أو كيانات تعمل وفق تشريعات منضبطة. والبحث الذي أشرتم إليه عنوانه «الجهود الدعوية للأوقاف المؤسسية» وقف سعد وعبد العزيز الموسى أنموذجاً» تناولت فيه تاريخ ظهور المؤسسات الوقفية بالمملكة العربية السعودية وسلطت الضوء على وقف سعد وعبد العزيز الموسى بوصفه أحد الأوقاف المؤسسية البارزة في المملكة وتضمنت خاتمة الكتاب جملة من التوصيات أهمها: حث رجال الأعمال والأثرياء والموسرين على تأسيس مؤسسات خيرية وقفية وتحفيز الباحثين وحثهم على تناول المؤسسات الوقفية وإبراز جهودها سعياً لنشر الوعي لدى كافة الموسرين وأن تتبنى الجامعات عقد مؤتمرات وندوات علمية وورش عمل متخصصة تعنى بجانب النهوض بعمل المؤسسات الوقفية، وأن تتولى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد والمؤسسات والجمعيات الدعوية القيام بحملات إعلامية مكثفة تستهدف الأثرياء والموسرين لحثهم على تأسيس مؤسسات خيرية مانحة تخصص مصارفها على مجالات الدعوة إلى الله تعالى الأكثر نفعاً للواقف.
* تباينت الأرقام حول حجم الأوقاف بالمملكة فهل بالإمكان تحديد قيمة معينة لهذه الأوقاف وأحجامها؟
- ما يتعلق بحجم الأوقاف الخيرية في المملكة العربية السعودية يصعب تحديدها بشكل دقيق وذلك لعدم وجود قاعدة بيانات يمكن الرجوع إليها ولكن بداهة يعد حجم الأوقاف بالمملكة من أضخم الأوقاف بالعالم الإسلامي لكون المملكة تضم بين جنباتها الحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة ومنذ فجر التاريخ الإسلامي إلى يومنا الحاضر والواقفون يتسابقون على الوقف فيهما خاصة وفي غيرهما بوجه عام، وقيمة الأوقاف السوقية لأصول الأوقاف في ازدياد مطرد، ومما يؤكد ضخامة حجم الأوقاف الخاصة بالمملكة، تنامي المؤسسات الوقفية في الآونة الأخيرة وتصدر بعض الواقفين لتخصيص عشرات المليارات على هذه المؤسسات الوقفية وقد اطلعت على نشاط مكتب استثمارات المستقبل للوصايا والأوقاف المتخصص في ضبط الوصايا والأوقاف فوجدت أن هذا المكتب لوحده ضبط قرابة اربعمائة وقفية تقدر قيمة الأصول الموقوفة التي ضبطوها بـ سبعين مليار ريال مما يدل على تنامي حجم الأوقاف الخاصة بشكل كبير في بلادنا، بخلاف الأوقاف العامة التي تحت يد وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد وتتولى النظارة عليها والتي تقدر أصولها بأكثر من تريليون ريال.
* هل نظام الأوقاف الخيرية المعمول به يواكب حركة التطور والتنامي المتزايد للأوقاف الخيرية بالمملكة؟
- من المعلوم أن نظام مجلس الأوقاف الأعلى مضى على صدوره قرابة خمسين عاماً ولائحة تنظيم الأوقاف الخيرية مضى على إقرارها أكثر من أربعة وأربعين عاماً وعمل وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد بوصفها الناظر على الأوقاف العامة لازالت مستنداً عليهما في إدارة الأوقاف التي تتولاها الوزارة، وقد صدر قرار مجلس الوزراء القاضي بتأسيس هيئة مستقلة تعنى بشؤون الأوقاف تسند لها مهام وكالة وزارة الأوقاف بوزارة الشؤون الإسلامية إلا أن هذه الهيئة لم تر النور حتى تاريخه. ونظامها لازال تحت الدراسة وننتظر إقراره وتلافي ما تضمنته مسودته من مواد ربما تعيق عمل الهيئة وتحول دون مواكبتها لحركة التطور المتنامي في مجال الأوقاف التي تعيشها البلاد.
* ما أبرز المواد التي تضمنتها مسودة نظام الهيئة العامة للأوقاف وترون أنها محل إشكال حال إقرارها؟
- سبق أن شاركت مع مجموعة من المستشارين والقضاة والمتخصصين في مجال الأوقاف في ورشة عمل حول تنظيم الهيئة العامة للأوقاف حينما كان يدرس المشروع في مجلس الشورى وقد تم تزويد المجلس بأهم النقاط التي تستلزم تعديلها وإعادة صياغتها وإضافة بعض المواد التي تعزز الثقة ما بين الواقفين والهيئة وتسهم في ضبط الأوقاف واستقلاليتها فكان من أهم الملحوظات الجوهرية على هذا المشروع الذي طالبنا أن يكون (نظاماً) لا تنظيماً أنه يكرس عدم استقلالية الهيئة العامة للأوقاف بربطها بوزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد، وكانت المطالبة بأن تستقل الهيئة استقلالاً تاماً ويكون مرجعيتها «للملك» وأن يعين رئيسها على مرتبة وزير. أيضاً طالبنا بتبديد المخاوف المنطبعة في أذهان الراغبين بالوقف من خشية أن يكون للهيئة تدخل في أوقافهم، وأن تكون نظارة الأوقاف العامة والمشتركة للهيئة، إلا إذا اشترط الواقف أن يتولى نظارة الوقف شخص أو جهة غيرها، وأن لا يكون للهيئة تدخل في أعمال نظار الأوقاف الخاصة وإدارتها سوى الإشراف العام على تلك الأوقاف للتأكد من إنفاذ ناظر الوقف لما نص عليه الواقف.كذلك المطالبة بالإفادة من الأوقاف التي لا تعلم مصارفها في أوجه النفع العام وفق الضوابط الشرعية وغيرها من الملحوظات الجوهرية التي نتطلع أن تراعى قبل إقرار النظام لتعزيز الثقة في نفوس الواقفين وتبديد المخاوف المنطبعة في أذهان البعض وكانت سبباً في إحجامهم عن الوقف بسبب هذه الهواجس، وأدت إلى عدم توثيق البعض لأوقافهم بسبب تلك المخاوف.
* هل تتوقع أن يحصل لدينا بالمملكة نقلة في مجال الأوقاف حال مباشرة الهيئة العامة للأوقاف مهامها؟
- نعم في حال مباشرة الهيئة العامة للأوقاف لمهامها كجهة مستقلة مرتبطة بالمقام السامي مباشرة وبإدارة اقتصادية شرعية وبكادر وظيفي خاص يستقطب المميزين في القطاع الخاص للانضمام للعمل بها وتطويرها وتوسيع استثماراتها.
أما إن تم تحويل وكالة وزارة الشؤون الاسلامية للأوقاف القائمة حالياً (مع تقديرنا لما يبذلونه من جهود وفق طاقتهم) بكادرها لهيئة عامة للأوقاف فلا أظن أن الوضع سيتغير سوى المسمى فقط.
ولكن نطمح ويطمح كل مواطن يحمل هم الأوقاف أن يكون التغيير جذري للهيئة لتبديد الصورة الذهنية القديمة عن الأوقاف.
* في نظرك ما أفضل الأنظمة القائمة في العالم الاسلامي التي خدمت الأوقاف في عصرنا الحاضر؟
- من وجهة نظري أن من أفضل انظمة الأوقاف القائمة حالياً في عالمنا الإسلامي مدونة الأوقاف المغربية التي صدرت عام 1431هـ.
* سبق أن تناولت بعض وسائل الإعلام خبر إعدادكم وقفية بربع مليار لأحد رجال الأعمال بالمملكة فهل بالإمكان الإفادة من صيغة هذه الوقفية للراغبين في الوقف؟
- نعم لدينا صيغة وقفية قام بدراستها وإعدادها مجموعة من الخبراء والقضاة والمتخصصين في مجال الأوقاف والعمل الخيري ونزود بها (مجاناً) من أراد الإفادة منها في ضبط وقفه.
* في الآونة الأخيرة تبنت الغرف التجارية تكوين لجان للأوقاف فما مدى الإفادة من هذه الخطوة؟
- من الخطوات والبرامج المميزة التي تبنتها الغرف التجارية بغالب فروعها بالمملكة تأسيس لجان للأوقاف وهي المشاركات المجتمعية التي ساهمت في تسليط الضوء على الأوقاف وتحفيز رجال الأعمال والموسرين على الوقف والبذل والعطاء وتقديم الاستشارات والملتقيات التي أسهمت بشكل فاعل في نشر ثقافة الوقف.
* سبق أن نشرتم بحثاً عن الأوقاف المؤسسية فما المقصود بهذا المصطلح وماهي دلالالته؟
- يقصد بالأوقاف المؤسسية :الأوقاف التي خصص ريعها الواقف للإنفاق وجوه البر المتنوعة ويتولى النظارة عليها هيئات أو كيانات تعمل وفق تشريعات منضبطة. والبحث الذي أشرتم إليه عنوانه «الجهود الدعوية للأوقاف المؤسسية» وقف سعد وعبد العزيز الموسى أنموذجاً» تناولت فيه تاريخ ظهور المؤسسات الوقفية بالمملكة العربية السعودية وسلطت الضوء على وقف سعد وعبد العزيز الموسى بوصفه أحد الأوقاف المؤسسية البارزة في المملكة وتضمنت خاتمة الكتاب جملة من التوصيات أهمها: حث رجال الأعمال والأثرياء والموسرين على تأسيس مؤسسات خيرية وقفية وتحفيز الباحثين وحثهم على تناول المؤسسات الوقفية وإبراز جهودها سعياً لنشر الوعي لدى كافة الموسرين وأن تتبنى الجامعات عقد مؤتمرات وندوات علمية وورش عمل متخصصة تعنى بجانب النهوض بعمل المؤسسات الوقفية، وأن تتولى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد والمؤسسات والجمعيات الدعوية القيام بحملات إعلامية مكثفة تستهدف الأثرياء والموسرين لحثهم على تأسيس مؤسسات خيرية مانحة تخصص مصارفها على مجالات الدعوة إلى الله تعالى الأكثر نفعاً للواقف.
* تباينت الأرقام حول حجم الأوقاف بالمملكة فهل بالإمكان تحديد قيمة معينة لهذه الأوقاف وأحجامها؟
- ما يتعلق بحجم الأوقاف الخيرية في المملكة العربية السعودية يصعب تحديدها بشكل دقيق وذلك لعدم وجود قاعدة بيانات يمكن الرجوع إليها ولكن بداهة يعد حجم الأوقاف بالمملكة من أضخم الأوقاف بالعالم الإسلامي لكون المملكة تضم بين جنباتها الحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة ومنذ فجر التاريخ الإسلامي إلى يومنا الحاضر والواقفون يتسابقون على الوقف فيهما خاصة وفي غيرهما بوجه عام، وقيمة الأوقاف السوقية لأصول الأوقاف في ازدياد مطرد، ومما يؤكد ضخامة حجم الأوقاف الخاصة بالمملكة، تنامي المؤسسات الوقفية في الآونة الأخيرة وتصدر بعض الواقفين لتخصيص عشرات المليارات على هذه المؤسسات الوقفية وقد اطلعت على نشاط مكتب استثمارات المستقبل للوصايا والأوقاف المتخصص في ضبط الوصايا والأوقاف فوجدت أن هذا المكتب لوحده ضبط قرابة اربعمائة وقفية تقدر قيمة الأصول الموقوفة التي ضبطوها بـ سبعين مليار ريال مما يدل على تنامي حجم الأوقاف الخاصة بشكل كبير في بلادنا، بخلاف الأوقاف العامة التي تحت يد وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد وتتولى النظارة عليها والتي تقدر أصولها بأكثر من تريليون ريال.
* هل نظام الأوقاف الخيرية المعمول به يواكب حركة التطور والتنامي المتزايد للأوقاف الخيرية بالمملكة؟
- من المعلوم أن نظام مجلس الأوقاف الأعلى مضى على صدوره قرابة خمسين عاماً ولائحة تنظيم الأوقاف الخيرية مضى على إقرارها أكثر من أربعة وأربعين عاماً وعمل وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد بوصفها الناظر على الأوقاف العامة لازالت مستنداً عليهما في إدارة الأوقاف التي تتولاها الوزارة، وقد صدر قرار مجلس الوزراء القاضي بتأسيس هيئة مستقلة تعنى بشؤون الأوقاف تسند لها مهام وكالة وزارة الأوقاف بوزارة الشؤون الإسلامية إلا أن هذه الهيئة لم تر النور حتى تاريخه. ونظامها لازال تحت الدراسة وننتظر إقراره وتلافي ما تضمنته مسودته من مواد ربما تعيق عمل الهيئة وتحول دون مواكبتها لحركة التطور المتنامي في مجال الأوقاف التي تعيشها البلاد.
* ما أبرز المواد التي تضمنتها مسودة نظام الهيئة العامة للأوقاف وترون أنها محل إشكال حال إقرارها؟
- سبق أن شاركت مع مجموعة من المستشارين والقضاة والمتخصصين في مجال الأوقاف في ورشة عمل حول تنظيم الهيئة العامة للأوقاف حينما كان يدرس المشروع في مجلس الشورى وقد تم تزويد المجلس بأهم النقاط التي تستلزم تعديلها وإعادة صياغتها وإضافة بعض المواد التي تعزز الثقة ما بين الواقفين والهيئة وتسهم في ضبط الأوقاف واستقلاليتها فكان من أهم الملحوظات الجوهرية على هذا المشروع الذي طالبنا أن يكون (نظاماً) لا تنظيماً أنه يكرس عدم استقلالية الهيئة العامة للأوقاف بربطها بوزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد، وكانت المطالبة بأن تستقل الهيئة استقلالاً تاماً ويكون مرجعيتها «للملك» وأن يعين رئيسها على مرتبة وزير. أيضاً طالبنا بتبديد المخاوف المنطبعة في أذهان الراغبين بالوقف من خشية أن يكون للهيئة تدخل في أوقافهم، وأن تكون نظارة الأوقاف العامة والمشتركة للهيئة، إلا إذا اشترط الواقف أن يتولى نظارة الوقف شخص أو جهة غيرها، وأن لا يكون للهيئة تدخل في أعمال نظار الأوقاف الخاصة وإدارتها سوى الإشراف العام على تلك الأوقاف للتأكد من إنفاذ ناظر الوقف لما نص عليه الواقف.كذلك المطالبة بالإفادة من الأوقاف التي لا تعلم مصارفها في أوجه النفع العام وفق الضوابط الشرعية وغيرها من الملحوظات الجوهرية التي نتطلع أن تراعى قبل إقرار النظام لتعزيز الثقة في نفوس الواقفين وتبديد المخاوف المنطبعة في أذهان البعض وكانت سبباً في إحجامهم عن الوقف بسبب هذه الهواجس، وأدت إلى عدم توثيق البعض لأوقافهم بسبب تلك المخاوف.
* هل تتوقع أن يحصل لدينا بالمملكة نقلة في مجال الأوقاف حال مباشرة الهيئة العامة للأوقاف مهامها؟
- نعم في حال مباشرة الهيئة العامة للأوقاف لمهامها كجهة مستقلة مرتبطة بالمقام السامي مباشرة وبإدارة اقتصادية شرعية وبكادر وظيفي خاص يستقطب المميزين في القطاع الخاص للانضمام للعمل بها وتطويرها وتوسيع استثماراتها.
أما إن تم تحويل وكالة وزارة الشؤون الاسلامية للأوقاف القائمة حالياً (مع تقديرنا لما يبذلونه من جهود وفق طاقتهم) بكادرها لهيئة عامة للأوقاف فلا أظن أن الوضع سيتغير سوى المسمى فقط.
ولكن نطمح ويطمح كل مواطن يحمل هم الأوقاف أن يكون التغيير جذري للهيئة لتبديد الصورة الذهنية القديمة عن الأوقاف.
* في نظرك ما أفضل الأنظمة القائمة في العالم الاسلامي التي خدمت الأوقاف في عصرنا الحاضر؟
- من وجهة نظري أن من أفضل انظمة الأوقاف القائمة حالياً في عالمنا الإسلامي مدونة الأوقاف المغربية التي صدرت عام 1431هـ.
* سبق أن تناولت بعض وسائل الإعلام خبر إعدادكم وقفية بربع مليار لأحد رجال الأعمال بالمملكة فهل بالإمكان الإفادة من صيغة هذه الوقفية للراغبين في الوقف؟
- نعم لدينا صيغة وقفية قام بدراستها وإعدادها مجموعة من الخبراء والقضاة والمتخصصين في مجال الأوقاف والعمل الخيري ونزود بها (مجاناً) من أراد الإفادة منها في ضبط وقفه.
* في الآونة الأخيرة تبنت الغرف التجارية تكوين لجان للأوقاف فما مدى الإفادة من هذه الخطوة؟
- من الخطوات والبرامج المميزة التي تبنتها الغرف التجارية بغالب فروعها بالمملكة تأسيس لجان للأوقاف وهي المشاركات المجتمعية التي ساهمت في تسليط الضوء على الأوقاف وتحفيز رجال الأعمال والموسرين على الوقف والبذل والعطاء وتقديم الاستشارات والملتقيات التي أسهمت بشكل فاعل في نشر ثقافة الوقف.
* سبق أن نشرتم بحثاً عن الأوقاف المؤسسية فما المقصود بهذا المصطلح وماهي دلالالته؟
- يقصد بالأوقاف المؤسسية :الأوقاف التي خصص ريعها الواقف للإنفاق وجوه البر المتنوعة ويتولى النظارة عليها هيئات أو كيانات تعمل وفق تشريعات منضبطة. والبحث الذي أشرتم إليه عنوانه «الجهود الدعوية للأوقاف المؤسسية» وقف سعد وعبد العزيز الموسى أنموذجاً» تناولت فيه تاريخ ظهور المؤسسات الوقفية بالمملكة العربية السعودية وسلطت الضوء على وقف سعد وعبد العزيز الموسى بوصفه أحد الأوقاف المؤسسية البارزة في المملكة وتضمنت خاتمة الكتاب جملة من التوصيات أهمها: حث رجال الأعمال والأثرياء والموسرين على تأسيس مؤسسات خيرية وقفية وتحفيز الباحثين وحثهم على تناول المؤسسات الوقفية وإبراز جهودها سعياً لنشر الوعي لدى كافة الموسرين وأن تتبنى الجامعات عقد مؤتمرات وندوات علمية وورش عمل متخصصة تعنى بجانب النهوض بعمل المؤسسات الوقفية، وأن تتولى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد والمؤسسات والجمعيات الدعوية القيام بحملات إعلامية مكثفة تستهدف الأثرياء والموسرين لحثهم على تأسيس مؤسسات خيرية مانحة تخصص مصارفها على مجالات الدعوة إلى الله تعالى الأكثر نفعاً للواقف.