(إلى روح الشاعر محمد الفيتوري)...
تعب الدرويش...
أنهكه التسكع على أطراف الدنيا
بكى وطناً...
بكى حباً...
بكى أمه الزنجية.. إفريقيا.
زحم الزنجي «بطبوله وراياته الآفاق»
كتب.. يا إفريقيا أنا هنا...
أنا ذلك الذي بلله العرق
أنا الذي سكب النيل في عينه قطرات من لهب
دمع وتعب...
وأنا الذي أبحر في مراكب الغرق.
***
رحل الدرويش...
كتب للموت قبل الموت...
رفض الرق والعبودية...
أبى أن يلثم نعل السيد الأبيض
أبى أن تحاصره جبال السجن الفولاذية
اكتفى أن يحمل على كفيه عروساً زنجية...
إفريقيا.
***
ركل الظلام ورحل...
شد وثاق عمره إلى نبوءات الحرية
وقف على أعتاب غاباتها الوردية
هتف لليل...
أوقد جمرته...
ومضى يغني لإفريقيا
حرية... حرية...
***
إفريقيا موطن البؤس والويل
إفريقيا حانة يعربد فيها الغريب والخيل
إفريقيا غانية يبحث عنها تجار الألماس والليل
إفريقيا...
قارورة زيت لونه أسود...
وعبق عطر ريحه المسك والعنبر
تتقاذفها الريح...
يغرقها المطر...
إفريقيا حُلمهُ الأسمر...
وحكايات سنواته المنفية.
***
إفريقيا...
ساحة يتسكع على بواباتها دراويش الصوفية
يلمع في سنا عينيها ومض غابات استوائية
يسكب في ثغرها الكوثر...
ويرسم على شفتيها قطرة ماء ندية.
***
رحل الدرويش المتجول...
مات واقفاً على أرصفة الطرقات المنسية...
على عتبات أحزانه الأبدية...
ذاب في جوف صدفة بحرية...
إفريقيا...
يا أنشودة الحرية.
محمد الخضري - البستاني - الرياض 2015م