د. عبدالرحمن الشلاش
ما يحدث حاليًا في سوق استقدام العمالة المنزلية حوله بكل أسف من الحسن إلى السوء. كل المحاولات الخجولة التي بذلت من وزارة العمل طيلة السنوات الماضية لم تفلح في انتشال السوق من وضعه السيئ لأن الموضوع بكل أسف لم يعالج بطريقة احترافية تنقذ المواطنين بعد أن تحولوا إلى هدف رئيس للمبتزين والباحثين عن مصالحهم الشخصية على حساب الناس.
وصلت تكلفة استقدام عاملة إلى 24 ألف ريال بعد أن كانت في سنوات قريبة جدا لا تتجاوز الخمسة آلاف ريال، وبلغت الرواتب لبعض الجنسيات 1500 ريال بعد أن كان لا يتعدى ستمائة ريال، وفي السوق أو «السوء» السوداء حدث ولا حرج حيث تتجاوز الرواتب في حالة عثورك على خادمة الثلاثة آلاف ريال والتنازل الثلاثين ألفا، وفي رمضان تصل الرواتب إلى سبعة آلاف ريال دون أن يجد هذا العبث والتلاعب من يوقفه.
المافيا العمالة تعمل دون كلل لتستقبل الهاربين والهاربات وتشغلهم بمبالغ كبيرة والمواطن المخنوق لا يجد بدا من الدفع المهم يسد حاجته، إن كانت الزوجة موظفة أو لديه أسرة كبيرة، أو يخدم كبار سن ومرضى في البيت سيبادر إلى الدفع المجنون في ظل ندرة العمالة، وأمام مماطلات مكاتب الاستقدام والتي تستغرق في إحضار الخادمة في أحسن الأحوال سبعة أشهر تمتد في حالات إلى سنة كاملة وهو الأمر الذي يضطر رب الأسرة للتصرف بأي شكل حتى ولو دفع مبالغ مضاعفة المهم عنده حل أزمته وكأن من خلق هذه الأزمة يريد الوصول لهذه النتيجة فيضطر الناس للجوء للسوق السوداء.
السوق السوداء تكونت في الغالب من العمالة التي تجلبهم مكاتب استقدام معينة وتدفع بهم وقت الأزمات وبأسعار خيالية بسياسة «معجبك أدفع وإلا مع السلامة» فغيرك في الانتظار ولديه الاستعداد ليدفع أكثر, كما تكونت أيضا من العمالة الهاربة أو المهربة وهذه تحركها ألمافيا خفية خطرة جدا تستقطب العمالة من المنازل وتغريهم للهرب لينضموا لأسطولها المشبوه، والضحية في كل الأحوال المضطر والكفيل المغلوب على أمره حين هرب سائقة أو هربت عاملته.
إحصائية مفزعة تؤكد بأن الذين هربوا من كفلائهم في عامي 2013، 2014 بلغ عددهم 97 ألفا كلفوا حوالي مليارين.
حقيقة ملف العمالة شائك ومتشعب ظهرت كل هذه السلبيات حين أوقف الاستقدام من بعض الدول وعلى رأسها إندونيسيا وقلت مصادر الاستقدام.
يحتاج إلى قرارات حازمة وصارمة جدا فالمواطن لن يرضى إلا بحلول جذرية تعيد الأمور إلى نصابها بحيث تكون تكلفة الاستقدام مثل غيرنا في دول مجاورة تصل إلى أقل من نصف تكلفة الاستقدام في المملكة، وأن تكون الرواتب في حدود المعقول، وأن لا تتجاوز مدة الاستقدام الشهرين على الأكثر.
ليس معقولاً أن يستلم الشخص التأشيرة في ظرف ساعة ثم يمضي مدة تصل السنة في عقبات لا آخر لها! الأمر لا يحتمل التأخير لا بد من قرارات عاجلة بزيادة مكاتب الاستقدام لضرب الاحتكار ومعالجة مشكلة الهروب وزيادة عدد منافذ الدول المصدرة للعمالة.
يجب أن تكون حلولاً حاسمة لا حلولاً وقتية.