ناهد باشطح
فاصلة:
((الدجاجة التي تقاقي بصوت عالٍ ليست تلك التي تبيض أفضل من سواها))
- حكمة صينية -
لم يأت الإسلام أبداً لإغلاق العقول بل إنّ خطابه يؤكد دائماً على العلم والمعرفة والتفكر والتدبُّر، ولا يوجد في الإسلام رجال دين منفصلين عن الدنيا، بل إنّ كل مسلم إن امتلك الفقه والعلم بالدين فعليه نشر علمه وفقهه.
لكن الإشكالية أنّ علاقة البعض مع الدعاة تنتقل من الاحترام لعلمهم إلى تقديس أفكارهم وآرائهم، ومن هنا أصبح الخطاب الدعوي مقدساً لدى البعض، حتى انه بات مؤثراً في حياتهم واتخاذ القرارات فيها.
اليوم ومع انتشار تقنيات التواصل الحديثة مثل «الواتس اب» و»التلجرام» والتي أفسحت المجال لانتشار القصص البسيطة، والتي تستخدم الدين كأداة للإقناع، بل والضغط على المتلقي للإيمان بالقصص والأفكار الترهيبية وعدم السماح بالتساؤل عن مصدرها، هي ذاتها قامت بدور تنويري من خلال كشف قناع بعض الدعاة الذين طالما استعملوا لغة الترهيب لإحجام الناس عن التفكير في شؤون حياتهم بحرية.
خطاب بعض الدعاة المشحون بالعاطفة المسكت لصوت العقل، لم يعد له مكان اليوم في زمن المعلومات المتاحة للجميع.
وقد كشفت النقاشات حول الدعاة مؤخراً في موقع «تويتر» عن احتقان لدى البعض تجاه بعض الدعاة، وهو ليس أمراً مفاجئاً، ولكن ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بكشف ملامحه بشكل بارز.
مشكلة هذا الاحتقان أنه ليس من طرف الناس وحدهم بل من طرف الدعاة أيضا لمن يخالفهم الرأي.
الإشكالية أنه لا يوجد حل لتوافق أطراف تسيطر عليها قناعات من الصعب تغييرها ولا وجود لأدبيات الحوار، فالناس منقسمون بعضهم يدافع عن الدعاة دفاعاً مستميتاً وبعضهم يحاول إبراز أخطاء الدعاة ونشر أخطائهم، وفي الحالتين ماتت القضية وخسر المبدأ مصداقيته حين سارت القضية إلى الأشخاص وليس المبادئ.