ناهد باشطح
فاصلة:
(حيث النظام هناك خبز، وحيث الفوضى هناك الجوع)
(حكمة إيطالية)
من المؤسف أن يكون لمؤسسات التعليم دور - وإن كان ثانوياً - في صناعة جريمة كالإرهاب، حتى وإن كان فكرياً، لكنه الواقع الذي ينبئ اكتشافه والاعتراف به بأمل في التصحيح.
ولعلني هنا أتجاوز دور بعض المناهج أو بعض المعلمين والمعلمات إلى دور المؤسسة الكبرى التي هي وزارة التعليم والملحقيات الثقافية والأندية الطلابية.
وبحكم دراستي في الخارج أتساءل عن دورهم في توفير ما هو بنفس أهمية الإشراف الأكاديمي والتدريب العلمي والتطويري، إلى الاهتمام بالحالة النفسية للطالب.
حدث معي قبل أسبوع أن طلب مني أحد الطلاب رقم أحد المحامين للتواصل معه بسبب مشكلة حدثت له مع الجامعة. كان حزيناً مشوشاً وهو يحكي تفاصيل معاناته.
بعد ذلك صرت أشاهده بصحبة شباب من إحدى الجاليات المسلمة، ولم يكونوا طلاباً، ويبدو على لباسهم التطرف الديني.
سألت نفسي: ماذا لو أن هؤلاء الشباب الذين يبدو عليهم التطرف الديني قدموا الدعم الذي يريده الطالب؟ أليس من السهل التأثير عليه؟
الإنسان في الغربة، خاصة في حالة وقوعه تحت ضغوط نفسية، يصبح في حالة ضعف، وقد يرتكب سلوكيات ربما يندم عليها فيما بعد. ليس بالضرورة أن ينضم إلى جماعات إرهابية، فهذا يتطلب وجود عوامل شخصية، تتضافر مع العوامل البيئية؛ ليقع الشاب في مستنقع الإرهاب، لكن من المهم توفير الأمان النفسي للطلاب في مراحل دراستهم في الخارج.
أتساءل: لماذا لا توفر مؤسساتنا في الخارج كالملحقيات الثقافية نفس الدور الذي تقوم به الجامعات البريطانية؛ إذ يتم الاهتمام بنفسية الطالب، ويقوم القسم في الجامعة بطلب من المشرف بعقد اجتماع لدراسة ظروف الطالب الاجتماعية والنفسية التي تؤثر على نفسيته؛ وبالتالي على دراسته، ومحاولة علاجها؟
للملحقيات الثقافية دور إنساني في دعم المبتعثين في حالات المرض ووفاة والدَيْ المبتعث، لكن غياب دور المشرف أحياناً يعطل إلمامه بظروف الطالب المبتعث الاجتماعية.
الطلاب في الغربة يحتاجون ليس فقط إلى الدعم المالي والإشراف الأكاديمي.. هم يحتاجون إلى الشعور بالأمان.
ولكي نحمي شبابنا من الوقوع في أي من التأثيرات الفكرية فإنه لن يفيدهم المحاضرات والندوات، لكن من المهم أن تكون استراتيجيات مؤسساتنا التعليمية معنية بالعناية بشؤون الطلاب كاملة. فالمشكلات الحياتية التي يصادفها الطالب لا تقل أهمية في تأثيرها عن المشكلات الدراسية، وربما يكون تأثيرها أكبر.
احتضنوا الطلاب.. هم بحاجة إلى الشعور بأن لهم وطناً أينما ذهبوا.