جاسر عبدالعزيز الجاسر
حتى أكثر المتفائلين في معسكر حزب المحافظين البريطاني لم يتوقع أن يحصد الحزب أكبر عدد من مقاعد البرلمان البريطاني مما سيتيح له تشكيل الحكومة القادمة دون الحاجة إلى الاستعانة بأي من الأحزاب الصغيرة.
فقد أعطت الانتخابات البرلمانية التي شهدتها الجزر البريطانية يوم الخميس حزب المحافظين برئاسة ديفيد كاميرون تفويضاً للبقاء خمسة أعوام أخرى في السلطة، فبعد الإعلان عن نتائج 620 دائرة انتخابية حصد المحافظون على 329 مقعداً أي بزيادة ثلاثة على الأكثرية المطلقة والتي تعطي من يحققها الحق في تشكيل الحكومة البريطانية في حين لم تتجاوز مقاعد حزب العمال المنافس 239، مع وجود ثلاثين دائرة لم تعلن نتائجها بعد ولن تؤثر في تحديد الفائز في هذه الانتخابات التي كانت جميع التوقعات والاستطلاعات إلى تقارب نتائج الحزبين الكبيرين المحافظين والعمال، إذ أعطت معظم الاستطلاعات حزب المحافظين 34 بالمائة وحزب العمال 33 بالمائة وتتقاسم الأحزاب الصغيرة باقي المقاعد وخاصة حزب الليبراليين الديمقراطيين الشريك الصغير السابق لحزب المحافظين في الحكومة السابقة، والذي تشير النتائج الأولية إلى إمكانية خسارته الكثير من مقاعده السابقة والتي كانت في البرلمان الحالي الذي سيخلفه البرلمان الجديد 58 مقعداً.
ولهذا فإن المتابعين للانتخابات البرلمانية البريطانية يعتبرونه أكبر الأحزاب البريطانية خسارة إذ لم يحصل إلا على ثمانية مقاعد فقط مما أدى إلى إعلان استقالة رئيسه, ويحل بعده في الخسارة حزب الاستقلال الذي لم يحصل سوى على مقعد واحد فقط رغم حصوله على 13 بالمائة من إجمالي أصوات الناخبين على مستوى المملكة المتحدة، ولم يستطع زعيم حزب الاستقلال نيجل فاراج من الحصول على مقعد في البرلمان, حيث خسر في دائرة ساوث ثينان أمام مرشح المحافظين كريج ماكينلي، أما أكثر الأحزاب تحقيقاً للمكاسب السياسية فهو حزب القوميين الاسكتلنديين الذي حصل على 55 مقعداً وهي تقريباً جميع مقاعد اسكتلندا ولم يخرج عنها سوى مقعد واحد.
نتائج الانتخابات البرلمانية البريطانية أفرز واقعا جديدا، أولها تخلي الاسكتلنديين عن حزب العمال البريطاني, حيث فضلوا منح أصواتهم للقوميين أو الوطنيين الاسكتلندي الذين يسعون إلى الانفصال عن المملكة المتحدة، ولهذا فإنهم إلى جانب حرمانهم حزب العمال من المنافسة القوية مع المحافظين فإنهم أيضاً سيطالبوا بإجراء استفتاء جديد لطرح خيار لانفصال اسكتلندا.
أما الاستحقاق القادم الذي على ديفيد كاميرون تنفيذه بعد تشكيل الحكومة البريطانية للمرة الثالثة، فهو تنفيذ وعده بتنظيم استفتاء بحلول نهاية عام 2017م حول بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، وهو أمر يثير قلق شركائه الأوروبيين لاحتمال أن يصبح ذلك حقيقة لوجود تأييد شعبي كبير.
وحملت الانتخابات البرلمانية البريطانية انتصاراً رمزياً يؤكد نهاية حزب العمال في اسكتلندا وتمثل بفوز مرشحة حزب القوميين الاسكتلنديين الطالبة ميري بلاك، وهي الطالبة البالغة من العمر عشرين عاماً فقط والتي استطاعت من إزاحة أحد أبرز وجوه حزب العمال البريطاني دوغلاس الكسندر.
الطالبة ميري بلاك لم تستطع في الفوز على أحد قادة حزب العمال البريطاني فقط، بل دخلت التاريخ البرلماني في المملكة المتحدة كأصغر نائب يدخل قصر وستمنستر مقر البرلمان البريطاني منذ نحو ثلاثمائة وخمسون عاماً.