د.عبدالعزيز العمر
كباحث في المجال التعليمي، زودتني إحدى مدارس البنين مشكورة بدرجات طلابها في اختبار حسن (بعد موافقة الوزارة ودون ذكر لأسماء الطلاب)، واختبارات حسن لمن لا يعرفها هي اختبارات مركزية تعدها وزارة التعليم بغرض التعرف على مستوى أداء طلابها. وكانت مفاجأة لي عندما اكتشف أنه لم يوجد طالب واحد تقل درجته عن 95% من الدرجة الكلية، مما اضطرني إلى تجاهل اختبار حسن وطلب نتائج اختبار آخر أعدته ونفذته المدرسة، وظهرت مفاجأة أخرى أيضا عندما وجدت أن معظم الطلاب حققوا الدرجة كاملة (مادة العلوم). أسقط في يدي، وقررت حينها التوقف عن هذا البحث، ولكي أزيدكم من الشعر بيتاً هناك دراسة علمية تقول إن أكثر من 90% من معلمينا يحصلون على تقدير أداء وظيفي ممتاز، يا إلهي هل كل طلابنا ومعلمينا عباقرة ومبدعون إلى هذا الحد؟
الباحثون المتخصصون في قضايا التعليم هم الذين يكشفون جوانب ضعف التعليم ويصفون لها العلاج، فهم ينطلقون من حقائق موثقة وفق منهجية علمية صارمة وبحيادية تامة بعيداً عن الانطباعات والمرئيات الشخصية، فالبحث العلمي لا يجامل ولا يتزلف أحداً. ومع ذلك لا يلقى البحث العلمي لدينا الاهتمام والدعم الذي يستحقه، ويمكنا القول وبدرجة عالية من الثقة إن ضعف برامج التعليم والتنمية عموماً في العالم العربي سببها تجاهل دور البحث العلمي، وليس غريباً أن تأتي معظم الدول العربية والإسلامية في ذيل قائمة الدول الداعمة للبحث العلمي مقارنة بدول آسيوية مثل اليابان وكوريا وسنغافورة وإسرائيل.