ناهد باشطح
فاصلة:
((نحن لا نكسب شيئاً إذا تركنا الآخرين يروننا كما نحن، مثلما لا نكسب شيئاً إذا حاولنا الظهور على غير ما نحن))
-حكمة صينية-
عندما لا تعيش أيامك كما تريد، بل كما يريد المحيطون بك سواء كانوا أهلاً أو زوجاً أو أبناء تتحول أحلامك إلى هوامش تتذكرها بأسى حينها تكون قد وقعت في فخ المثالية التي أغرقت عقولنا بكم من المفاهيم المغلوطة التي تسحق الذات.
من قال إن علينا أن نضحي لأجل الآخر الذي ربما يوماً ما أسدى إليا جرحاً لن ننساه؟
من قال إن علينا أن نسحق رغباتنا لأجل أن تحيي رغبات الآخرين الذين نحبهم؟
هذا مفهوم بائس للحب وللعطاء، لأن الإنسان مهما حاول التخلي عن رغباته لا بد أن يأتي الوقت الذي يتأسف على وقت مضى لم يستمتع فيه بحياته، أن يعترف أو لا يعترف حتى لنفسه بذلك يبقى شأناً آخر.
فالإنسان إذا لم يكن واعياً بالقدر الكافي فإنه يبرر لنفسه حتى الأخطاء التي يعترف بخطورتها على حياته.
المثالية وهم وسجن قيوده محكمة في العقل، لكن الإنسان الذي يعي إنسانيته يدرك أنه لا مثالية يمكن أن تسعد البشرية وأن التوازن هو الحل الصحيح لمنظومة العطاء في الحياة.
لكي تظهر لنا المثالية في أبشع صورها علينا أن نستحضر استغراق المرأة فيها لأن المجتمع يخلق منها صورة للعطاء للآخر فقط.
الأسئلة المطروحة للتأمل:
ما المانع أن أحب نفسي والآخرين، ما الخطأ أن أعطي أهلي، زوجي، أولادي، الناس بعد أن أكون قد أعطيت نفسي حقها من كل شيء؟
لماذا عليَّ أن أكون ضحية حتى أحصل على تصفيق الجمهور؟
وتشبهها الأسئلة الموجهة للمجتمع:
لماذا نحيي المرأة التي لم تتزوج لرعايتها والديها مثلاً، أليس بالإمكان أن ترعاهما في ظل زوج صالح يساعدها في حياتها؟
لماذا نحيي المطلقة والأرملة حين لا تتزوج وترعى أولادها، ألا يمكن أن ترعاهم في وجود زوجها؟
في المقابل يشجع المجتمع الرجل ليتزوج وإن كان لديه والدان مريضان وإن ترمّل وإن طلّق زوجته ولديه أبناء؟
هذا مثال بسيط - والأمثلة كثيرة - لكيفية زج المجتمع للمرأة في أتون المثالية وكأنها خلقت ليس لتكون ذاتها بل لتكون الآخر، وهي إن لم تنتبه لهذه المسألة تكون ببساطة أضاعت عمرها وسيأتي الوقت الذي لن تستطيع فيه العطاء حتى لنفسها.