ناصر الصِرامي
من فاته إعلام السبعينيات والثمانينيات، أو إعلام ما قبل عصر الإنترنت إجمالاً، منذ البدايات الأولى.. من فاته مشاهدة أو حضور ذلك المشهد، وكيف كان يوجه الإعلام عبر أدواته المحدودة حينها، فلديه فرصة كبيرة الآن ليتابع ذلك كله في متحف وسائل إعلام عرب موالين لإيران وولاية الفقيه، مَنْ يسمون بالممانعة!
المتابع للإعلام الإيراني الناطق بالعربية من بغداد وسوريا واليمن، وطبعاً المركز لبنان، سيجد فضائياً، وعبر الإنترنت ومواقعهم، فرصة لتحليل والتوثيق والمتعة النفسية.. سترفع كل علامات التعجب والاستفهام، كيف يتحدثون هكذا، ويكتبون بهذه الطريقة والفكرة المزيفة، كيف تزور التقارير والتصريحات وحتى المقالات عبر الكذب والتقية؟!
شكل لا يليق بعقل الإنسان البسيط وحضوره، ولا يعبر عن احترام، أو يقدر له قيمة كيانه ووجوده.. هو قمة في احتقار وعي العصر الحديث وأدواته، وإهانة لمهاراته.
قبل أن تعلن المعلومات بداية عصرها، وفيما كانت شبكة عالمية افتراضية تدشن للتو، وتجمع شعوب وقبائل الأرض، في سماء الإنترنت، كان الخطاب الإعلامي المركزي للدولة المغلقة أيديولوجياً يشبه هذا النحو البليد من خطاب الإعلام الإيراني في العالم العربي.
بل لا أبالغ إن قلت إن الفارق الوحيد هو في قلة الأدب وغياب تام عن التهذيب، أو حتى أي قيمة أخلاقية تاريخية أو إنسانية، من قبل هذا الإعلام الناطق بالعربية نيابة عن طهران، الذي أصبحت إحباطاته ويأسه تأخذه لحدود تتجاوز أي اعتبار!
xأولى الخسائر في أي مواجهة هي خسارة كل مصداقية متاحة، والتعري التام علانية في وسائل الإعلام وعلى الهواء مباشرة؛ لتكشف عن غباء فهم ووعي، وانحدار.. وكل ذلك التجاوز موثق بالصوت والصورة، ومتاح في ذاكرة فضاء النت الواسع التي ستبقى للأبد. وإذا أضفنا لهذه الخسارة غيرها عسكرياً وسياسياً قد نجد مبرراً للكذب والتزييف والتعري.. لكن لا عذر لغياب الأخلاق أبداً!
صحيح أن خطاب الإعلام العربي - الإيراني ظل ولا يزال مجالاً ومثاراً للسخرية، ومساحة رحبة وممتعة للكوميديا السياسية، التي تعيد لنا بعض الفرح والتفاؤل متعة واحتفاء.. سخرية تكشف عن تناقضاته ومسارات تلونه وتقلبه السريع، وتشنجه المبالغ، وعنصريته الكريهة! لكن برغم ذلك ومعه، وبدقة أكثر، ما يحدث هناك لا يشبه حتى الإعلام، أو المعلومات، بل مجرد منابر أمنيات وتصميم على الكذب مرة برتبة «محلل»، ومرة «معلق»، ثم الوظيفة الأشهر الآن «الإعلامي»، وكأنهم يتلون خطابات حماسية للجماهير، والبعض الآخر يبدو «مضحكاً» بحجم معلومات لا يتغير فيها إلا الكذب!
قد يكون من العيب أصلاً أن ندخلها في مظلة «الإعلام»؛ هي منابر إيرانية تمولها طهران لتنقل رسالتها، وتصدر ثورتها للعالم العربي، وتقدم ولاية فقيهها، وبأصوات عربية.. منابر لأهداف أصبحت معروفة أكثر من أن تعرف.