ناصر الصِرامي
اليوم وفي أجواء الاحتقان، أصبحت الطائفية والمذهبية حرب مباشرة بين مليشيات تتغذى وتبقى لتعيش على هذا الاحتقان، محولة المشهد إلى إرهاب دموي رهيب.
تقوم الجمهورية الإيرانية، في عقيدتها السياسية الراهنة، على دعم كل نفس طائفي وتضخيمه واستثماره لأهدف التحكم والسيطرة بالمنطقة، بل وتحول المتشددين الشيعة إلى مليشيات مسلحة، وبكافة أنواع الأسلحة، مشهد ظاهر وواضح من لبنان إلى اليمن إلى العراق وسوريا.
طهران تسهم بشكل كبير في خلق صراع يضعف الدولة وأجهزتها، لتبقى مليشياتها متفوقة عسكرياً وسياسياً، لاحظ كيف أصبحت مليشيات الحشد الشعبي -مثلاً- في العراق بديل للجيش والدولة في مواجهات واجبات والتزامات الدولة، وسط استسلام اجباري أو اختياري لسلطات الدولة العراقية كافة، وحين حلت المليشيات محل الجيش وقامت بدوره، واصلت السرقة والنهب وكل التجاوزات الممكنة في تكريت وغيرها، ولم يكن أمام الدولة إلا رفع التحذيرات الأدبية دون تأثير.
كذلك نفس السلوك والنمط مع مليشيا الحوثي، التي سعت لتخريب مؤسسات الدولة والنهب والخطف والسرقة لكل موقع وصلت إليه أيديهم واسلحتهم.
وكذلك كان الحال ولا يزال مع حزب الله، الذي انقلب على الدولة أكثر من مرة ليفرض بمخزون السلاح الواقع الذي تريده طهران. إنها عملية تخريب مقصودة ومخطط لها إيرانياً عن سبق اصرار وترصد دقيق، لأن وجود دولة حقيقة -مهما كانت سلبياتها أو فسادها- يجعلها تمنع الأقل من الصراع الطائفي، وتكافحه لسلامة أمنها ووحدتها.
وهذا ما لا تريده إيران أبداً، هدفها إشعال المذهبية جذب المتطرفين والمتشددين لخلق صراع يفرق ويضعف العرب ويخرق الأمن القومي العربي، وهو ما حققته حتى الآن.
تريدها حرباً طائفية عبر جماعات خارجة عن القانون والشرعية هنا وهناك.. حرباً طائفية داخل المجتمع -الدولة- كل الدول العربية وحتى الإسلامية، لإضعاف كل مكوناتها، بما فيها المكون الشيعي نفسه، فما يهم طهران هو الاستخدام السياسي.
في العقيدة السياسية للدولة السعودية الحديثة، لم تكن الطائفية جزء من مناوراتها، في أصعب الظروف، وظل التأكيد على ذلك باستمرار. حتى اليوم وفي وقت دخلت فيه السعودية في تحالف عربي - إسلامي لإنقاذ اليمن شعباً وحكومة، من مليشيات الحوثي وعنفها ونهبها وعدوانها على كل مفاصل الدولة والمجتمع.
لاحظ أننى هنا لا أشير للخطاب الديني المتشدد، أو الرغبة البشرية -أو العنصرية- التي غالب ما تمون السلوك البشري البدائي، ما لم تهذب بالقانون والنظام الصارم، -وهو سبب لإنخفاض العنصرية عند الغرب مقارنة بالشرق-.
في عاصفة الحزم حيث الجبهة السعودية والخليجية والدول العربية، والتي لا زالت متعافية متوحدة وقوية، كما دول إسلامية، وحيث الاحتقان الطائفي الإسلامي في أقصى مدى له، وفي وقت يحاول فيه البعض إلى إعطاء صبغة طائفية أو الحديث عن أمنيات شخصية متطرفة.
تؤكد السعودية من البداية، أنها تخوض حربها العاصفة من أجل الوطن، وتأمين حدوده، وحسم الأخطار المترتبة على الإرهاب الحوثي في اليمن. وهي عاصفة من أجل السلام، من أجل اليمن نفسها وسلامة أراضيه ووحدته ودولته. عاصفة من أجل العرب أيضاً، لتأمين الأمن القومي العربي، ووضع حد حقيقي للخطوط الحمراء الملتهبة غير القابلة للجدل، بعيد عن نداءات التطرف المذهبي والسياسي التي يتمناها البعض.. وتباركها إيران!.