تركي بن ناصر الموح
في خطوة عصرية قامت مؤسسة النقد العربي السعودي بصفتها الوعاء الاقتصادي للمملكة ومنظم حركة السيولة النقدية مع وزارة العدل بمشروع الربط الإلكتروني الذي يربط محاكم ودوائر التنفيذ القضائية بالمؤسسة إلكترونياً لضمان سرعة تنفيذ أوامر قضاة التنفيذ، الذي سيمكن قاضي التنفيذ بتنفيذ عدد من الإجراءات بشكل آلي وسريع من بينها الإفصاح والحجز ورفع الحجز عن الحسابات في المصارف العاملة في السعودية.
حيث يساهم هذا المشروع الإستراتيجي في حفظ الحقوق المالية والحقوقية لأفراد المجتمع كافة وحماية الاستثمارات المالية في المملكة.
مؤسسة النقد بصفتها البنك المركزي والمراقب على القطاع المصرفي أصدرت تعليمات موجهة إلى البنوك العاملة بالمملكة للإسراع في معالجة هذه الأوامر القضائية، حيث وضعت إجراءات تفصيلية للتعامل مع الأطراف كافة ذات العلاقة لتذليل جميع العقبات للحصول على الهدف المرجو.
هذا المشروع الحيوي سيحقق عدة نتائج إيجابية من أهمها اختصار وقت التواصل بين قضاة التنفيذ وبين المؤسسة، وخفض المعاملات الورقية، وخفض التدخل البشري في معالجة المعاملات، مما يساهم في رفع مستوى الأداء، إضافة إلى القدرة على متابعة سير المعاملة منذ تسجيلها في النظام وحتى تنفيذ الطلب، بما يمكن من تحديد أي عوائق تواجه الإنجاز وفق المدد المستهدفة.
وزارة العدل قامت بتعيين 6 قضاة تنفيذ، كأساس التنفيذ وفق ما ينص عليه النظام القضائي الجديد. تم تدريبهم على نظام التنفيذ من خلال دورات تدريبية متخصصة وعيّنت في الرياض قاضيين وقاضياً واحداً في كل من الدمام، وجدة، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة.
نظام التنفيذ صدر بالمرسوم الملكي رقم (م/53) بتاريخ 13-8-1433هـ، ونشر في الجريدة الرسمية (أم القرى)، العدد 4425 بتاريخ 13-10-1433هـ. ويتكون من 98 مادة وذكر بأنه يجوز لقاضي التنفيذ الأمر بالإفصاح عن أموال المدين وحجزها قبل إبلاغه بأمر التنفيذ، في حال كان المدين مماطلاً من واقع سجله الائتماني أو من قرائن الحال، وللقاضي أن يأمر بالإفصاح عن أموال المدين بمقدار ما يفي بالسند التنفيذي، ويصدر الأمر بالإفصاح والحجز بعد إبلاغ المدين بأمر التنفيذ.
وأوضح النظام أيضاً، عملية تبادل الإفصاح عن الأموال مع الدول الأخرى بناءً على أمر من قاضي التنفيذ وعلى أساس المعاملة بالمثل، ويُستثنى من هذا الإفصاح ما نصت عليه الأنظمة وقرارات مجلس الوزراء وما يؤثر في الأمن الوطني للسعودية.
وبيّن نظام التنفيذ أن جميع أموال المدين ضامنة لديونه، ويترتب على الحجز على أموال المدين عدم نفاذ ما يقوم به المدين من تصرف في أمواله المحجوزة، كما لا يجوز الحجز والتنفيذ على الأموال المملوكة للدولة.
وأوضح النظام أن حصيلة التنفيذ توزع على الدائنين الحاجزين، ومن يُعد طرفاً في الإجراءات، بالإضافة إلى أن الأموال المستحقة للمدين تحجز تحت يد المنشأة المالية من خلال السلطة الإشرافية، وتحجز الأوراق المالية من خلال هيئة السوق المالية، وتبلغ قاضي التنفيذ بنتيجة الحجز خلال ثلاثة أيام عمل من تسلم أمر الحجز، في حين تحجز الأوراق التجارية وفق حالات محددة.
بهذه القراءة السريعة نلاحظ أن نظام التنفيذ خدم أصحاب الحقوق بأن أخرجهم من الدورة القضائية الطويلة التقليدية، حيث يتم إيقاع الحجز على أرصدة الخصوم (المدعى عليهم) مباشرة ومنعهم من السفر. بلا شك هذا النظام ومشروع ربطه الإلكتروني المصاحب سيقضي على البيروقراطية والروتين وسيوفر جلسات للقضاة التي الحكم فيها محسوم أصلاً، حيث سيلمس قطاع الاستثمار والمصرفي والتمويل بشكل مباشر، وبالتالي سيكون الاقتصاد السعودي محط جذب للأموال الساخنة التي تبحث عن وطنها، والمستثمر الذي يريد أن يستثمر أمواله في دوله آمنة وترد الحقوق لأصحابها.