بعد الإعلان الرسمي عن وفاة فقيد العالم بأسره ورجل السلام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-، كان أول زعيم عالمي يرثيه هو الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فلقد وصفه بالصادق والأمين وذلك باتخاذه قرارات شجاعة في عملية السلام بالشرق الأوسط.
فاجأ أوباما العالم بقطع زيارته إلى الهند لتتجه طائرة الرئاسة الأمريكية (اير فورس وان) إلى مطار القاعدة الجوية في الرياض بمعية حرمه السيدة /ميشيل أوباما ووفد رفيع المستوى بين ديموقراطيين وجمهوريين، صحيفة «الواشنطن بوست علقت بقولها: «الآن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بحاجة لمساعدة بعضهما البعض أكثر من أي وقت مضى؛ حيث يرتجف الشرق الأوسط فزعاً من حالة عدم الاستقرار، والتي تمتد من سوريا مروراً بالعراق إلى اليمن، بالإضافة إلى تمدد وتوسع التهديدات الإرهابية للبلدين، وكذلك التهديدات التي يتعرض لها إرث التدخل الأمريكي في العراق، وهي نفس المخاوف لدى السعودية التي تلعب دور القيادة في العالم العربي.
أثناء لقاء الزعيمين في المطار قام الملك سلمان بالاعتذار للرئيس لأداء فريضة صلاة العصر ثم إكمال مراسيم اللقاء، وهذا ليس بغريب على زعماء المملكة، ففي يناير 1957م، قام الملك الثاني للمملكة العربية السعودية الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله - بزيارة للولايات المتحدة الأمريكية بدعوة من الرئيس الأمريكي أيزنهاور، وحين استقباله كسر الرئيس الأمريكي البروتوكول حيث استقبل ضيفه الملك بنفسه على أرض المطار، وفي قاعات الأمم المتحدة استقبل الملك سعود استقبالاً مهيباً، ووضع الأمين العام للأمم المتحدة (داغ همر شولد) في ذلك الوقت بوصلة خاصة تُعين الملك ومرافقيه على تحديد اتجاه القبلة لأداء الصلاة. احتراماً وإجلالاً لهذا الزعيم الكبير. العلاقات الأميركية السعودية متجذرة منذ (فبراير) 1945، حين التقى الملك عبد العزيز والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت لمرة واحدة على متن السفينة الأميركية «كوينسي» وكان مهندس اللقاء ويليام إيدي، السفير الأميركي في جدة. وقبل هذا اللقاء، كان الملك عبد العزيز أوفد نجليه الأمير فيصل والأمير خالد إلى الولايات المتحدة، استجابة لدعوة رسمية من الرئيس روزفلت، وذلك في 25 أيلول (سبتمبر) 1943.
في عرف العلاقات الدبلوماسية هناك نقاط تختلف وتتفق معها مع الطرف الآخر والعلاقة السعودية الأمريكية كغيرها من العلاقات الدبلوماسية، فأحيانا تكون فاترة... وأحيانا تكون أكثر دفئاً، ابتداءً من العقد الأخير بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.. ثم أتبعها حرب العراق 2003م، وصولا إلى الربيع العربي آخر أربع سنوات شهدنا علاقة دافئة إلى حد ما.
اليوم شكل علاقة واشنطن بالرياض سيأخذ طابعا آخر، حيث استغل أوباما الفرصة وحلق كالنسر الأمريكي إلى الرياض لتوطيد العلاقات الأمريكية السعودية محاولا الهروب من الضغط الداخلي في الكونغرس الأمريكي، بشأن الملف الإيراني حيث شهدت المنطقة التمدد الإيراني في اليمن -الحديقة الخلفية للسعودية- عن طريق الحوثيين أدت إلى استقالة الحكومة اليمنية وأصبح هناك فراغ سياسي كبير. جغرافياً، إذا وصل الحوثيون إلى الحكم في اليمن وأصبح مضيق باب المندب في قبضتهم سيكون تأثيره مباشرا على قناة السويس وبالتالي مضيق هرمز الذي تتحكم فيه طهران أصلا وأصبحت الملاحة البحرية في المنطقة في قبضة دولة واحدة (إيران).
الملف السوري والعراقي و(داعش) في ظني أنهم مدروجين في ملف واحد لأنه يصعب على المراقب فصلهم فهي سلسلة من الملفات يتبع بعضها الآخر ولأنهم جغرافيا في مسرح واحد لما يسمى (داعش).
ختاما، سأقول ما غرد به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على تويتر بقوله: (سعدت بلقاء الرئيس أوباما وبحثنا معاً الشراكة الاستراتيجية وتعزيز التعاون بين البلدين، وخدمة السلام العالمي.)