د.عبد الرحمن بن سليمان بن محمد الدايل
بمزيدٍ من الفخر والاعتزاز بقيادتنا الحكيمة الحازمة، وبوطننا الشامخ المعطاء استقبل أبناء المملكة أنباء عاصفة الحزم، وانطلاقة عملياتها بعد رويةٍ وصبرٍ من قيادة هذا الوطن التي استنفدت مختلف الطرق، وكافة الأسباب قبل اللجوء للعاصفة التي أصبحت ملاذًا أخيرًا، وطريقًا وحيدًا لكي تستقيم الأمور وتعود إلى نصابها في اليمن الشقيق، بعد أن زجَّ به أعداء العرب والمسلمين في دروب الفتن والاضطرابات، حسدًا من عند أنفسهم لأمة الإسلام، فقد استمر حقدهم وحسدهم على مدى دهور وحقب زمانية طويلة، يسجلها لهم التاريخ في صفحات المكر والخديعة، والدهاء والعدوان، ووجدوا ضالتهم في بدايات هذا القرن فيمن أسموا أنفسهم بالحوثيين في اليمن الشقيق، فسعوا لتسليحهم والاستجابة السريعة لهم حينما أخذوا في الاستقواء بهم طمعًا في تنفيذ مخططاتهم العدوانية التي لم يعد خافيًا على أحد أهدافها في زعزعة الأمن والاستقرار، ومطامعها في النيل من كيان العرب ومصيرهم وتهديد مستقبلهم.
لقد ظن الحوثيون ومن ورائهم أن تحقيق مآربهم الدنيئة سهل أو يسير جهلاً منهم بما تعنيه حكمة المملكة وحِرص قيادتها على جمع الشمل والتئام الكلمة، غير أنهم أخطأوا قراءة وفهم مضمون هذه الحكمة، وما تعنيه من حسم عند اللزوم وعزم عند الضرورة وحزم في مواقف الشدة، فنقضوا العهود التي سعت المملكة وأشقاؤها في دول مجلس التعاون الخليجي وبالتعاون مع الأطراف الدولية الفاعلة لإبرامها بين الأطراف اليمنية، حتى سجل المتابعون أن الحوثيين نقضوا ستين اتفاقًا على مدى ثلاثة أشهر، مستقوين في ذلك بمن ثبت أن كل ّ همهم هو تشتيت قوة العرب وإضعافهم وإيجاد بؤر للتوتر فوق أراضيهم تنشر الفوضى، وتسعى للتخريب والدمار، وتمهّد للقلاقل والعدوان، والاقتتال والحروب الأهلية التي يُحسن أعداء الأمة تدبيرها والتخطيط لها، ولهم فيها سابق خبرة.
ولم يكن أمام قيادتنا الحكيمة الحاسمة إلا أن تتخذ القرار المناسب الحازم لردع عصابة الحوثي المتمردة، وزجر من يساندها ومن يحركها ومن يُحسن استغلال جهلها، بعد أن طرقنا جميع الأبواب لإيجاد الحلول واتخذت المملكة كافة الأسباب لتفادي الحرب، جاء قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ببدء عاصفة الحزم لردع هذه العصابة الحوثية الانقلابية، ومنعها من أن تتمادى في غيّها وطغيانها وفي ألاعيبها ومراهقتها، واستفزازاتها وتجاوزاتها، وللوقوف بصرامة أمام محاولتها القضاء على السلطة الشرعية في اليمن والعبث بحدود المملكة الآمنة
المستقرة، ولدحر هذه الفئة البغيضة في محاولاتها المستميتة وسعيها الخبيث لتعزيز الوجود الإيراني على أرض اليمن الشقيق. وهكذا جاءت عاصفة الحزم في إطار النظرة الثاقبة الحكيمة لقائد المسيرة يحفظه الله، وانطلاقًا من رؤيته الاستراتيجية للدفاع عن مصالح الوطن ومواجهة التحديات التي تحيق به، والوقوف في وجه المؤامرات التي تُحاك له بليلٍ للنيل من مقدرات الوطن ومكتسباته، وإشعال الفتن والاحتراب في قُطر، هو جارٌ شقيق يُدرك الجميع أهميته الاستراتيجية للمملكة.جاءت عاصفة الحزم بعد أن وصلت كل المحاولات السلمية إلى طريق مسدود وبعد أن انتشر العنف في مختلف أنحاء اليمن الشقيق، جاء هذا القرار من قائد صادق في أقواله وأفعاله، حكيم صائب في قراراته، إنه الملك سلمان بن عبد العزيز، سلمان الخير والعطاء، سلمان الشهامة والعزة والإباء، الذي وصفه صاحب السمو الملكي وزير الخارجية بقوله «إنه - حفظه الله - «أقرب الملوك شبهاً بوالده» قلباً وقالباً وفكراً وحنكة وعبقرية.. كذلك غيرهم من أصحاب السمو الملكي الأمراء من الأبناء والأحفاد ومن يليهم من الأمراء القياديين الذين صنعوا التاريخ في الماضي البعيد والقريب.. وها هم في «عاصفة الحزم» يصنعونه في الحاضر الزاهر».
تأتي عاصفة الحزم بعد صدور قرار الملك سلمان بإيقافها إثر تحقيقها لأهدافها والانتقال منها إلى عملية إعادة الأمل، لتكتب تاريخًا جديدًا للمنطقة تذوب فيه الأطماع، ويعرف المتآمرون أن لهذا الوطن قادةً أوفياء ورجالاً مخلصين، وأبناء قادرين على التضحية والفداء، وأصدقاء وأشقاء يعرفون للمملكة قدرها ومكانتها، فهي قبلة المسلمين في مختلف أنحاء المعمورة، ومكانتها راسخة في قلوبهم، وقدرها كبير في نفوسهم ولدى محبّي الخير والحق والسلام.
إن اعتزاز أبناء المملكة بوطنهم يجعلهم يتطلعون دائمًا إلى كل نجاح يتحقق لهذا الوطن، ويتكاتفون دائمًا حول كل قرار يُصدره قائدهم، ويثقون في قواتهم المسلحة التي وصف خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - مهامها ومسؤولياتها في قوله «قواتنا التي تدافع عن ديننا قبل كل شيء، وعن بلاد الحرمين، ومَن دافع عن بلاد الحرمين وحدودها وأمنها الداخلي فهو يدافع عن وطن يستحق منا الدفاع عنه، وشعب وفيّ يستحق منا توفير أمنه في الداخل والخارج».
وإننا نحن أبناء المملكة اعتزازًا منَّا بقيادتنا ووطننا، وفخرًا وتقديرًا لقواتنا المسلحة وثقةً بها، واستشعارًا بمسؤولياتنا نؤمن عن يقين بأن وطنًا لا نحميه لا نستحق العيش فيه، ولذلك نقول إنه قد آن الأوان للبدء في إيجاد نظام للتجنيد الإجباري أو الإلزامي ليتشرف كل أبناء الوطن للانخراط في الجندية ويصبحون مؤهلين للدفاع عنه، فهم الأولى بذلك والأجدر بنيل هذا الشرف العظيم، دفاعًا عن عقيدتنا ووطننا وحاضرنا ومستقبلنا.
ندعو الله أن يحفظ لنا أمننا وقيادتنا ووطننا، وأن ينصرنا على أعداء الله والوطن إنه سميع مجيب.