لقد تعوَّد أبناء المملكة منذ تأسيس صرحها على يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود - طيَّب الله ثراه - على حِرص القيادة على كل ما من شأنه بناء الوطن واستقراره، وسعادة المواطن وتحقيق رخائه، فكانت تلك الخطط التنموية التي شهدتها أرض المملكة وفي مختلف مناطقها، وضربت بلادنا أفضل المَثل في الأمن والتنمية، والنهضة الشاملة التي طالت مجالات الحياة المتعددة وميادينها المختلفة، وكان ذلك بفضل الله وكرمه، ثم بهذه القيادة الواعية التي سخَّرت كافة الإمكانات واستفادت من نِعم الله التي أفاء بها علينا، لتحقيق ما تصبو إليه لخدمة الوطن والمواطن، وقد تمَّ ذلك في إطارٍ من الأنظمة المتطوّرة التي توفّر لمؤسسات الوطن مناخًا مواتيًا لتحقيق أهداف مسيرة النهضة المباركة.
وقد شهدت تلك المسيرة على مدى عدة عقود تبوؤ أبناء الوطن قمم المسؤولية، في ظلّ توافر الكفاءات المتخصصة التي قامت بواجباتها في ميادين التنمية والتطوّر، وحَرصت القيادة الموفّقة لهذا الوطن على تهيئة أفضل الظروف لهم للعمل المخلص البنَّاء، فمنحتهم الثقة الغالية، ووفَّرت لمؤسسات الوطن الميزانيات الضخمة التي تفي بمسؤولياتها في تنمية الوطن والمواطن، وجعلت وزارات الدولة وهيئاتها ومؤسساتها في موضع الثقة، التي تؤهلها للانطلاق نحو مهامها ومسؤولياتها بقلوب متفتحة، وعقول مستنيرة، ولِمَ لا؟ أولَاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - كامل الثقة حين يؤكّد ذلك لهم بقوله: « مِن ذمَّتي في ذمَّتكم «.
وفي ظل حكمة القيادة، وفي إطار هذه الثقة الغالية تجيء التغييرات الوزارية التي تضخُّ دماءً جديدة، وخبرات عِلمية وعملية إلى مواقع المسؤولية، وهي خبرات تستحق التقدير والتهنئة على ما تولَّوه من مناصب جديدة، تنتظر منهم المأمول والمتوقع لما نالوه من ثقة، وما أصبح في ذمتهم من مسؤولية، وما يقع على عاتقهم من واجبات.
وهنا يتطلّع المواطن مستبشرًا بهذه التغييرات الوزارية، التي نالت عددًا من وزارات الوطن، يستبشر بها أملاً في تحقيق المزيد من النهضة والتطوّر، خصوصاً أنه - بحكم متابعة المواطن - يدرك وبكلّ الشكرّ والثناء أن بعض الوزارات قد قام مسؤولوها السابقون بجهودٍ ملموسة، وحققوا إنجازات معروفة، أُضيفت إلى منجزات بناء الوطن وتنميته وتحقيق رخائه، ولكنّ طبيعة التغيير والاستفادة من خبرات أبناء الوطن، تجعل المواطن عند تهنئته للوزراء الجدد يوجّه إليهم حديثه من القلب: بأن ثقة ولي الأمر فيكم غالية فكونوا على قدرها، وطموحات المواطن فيكم كبيرة، وتوقعاته منكم غير محدودة، فاعملوا لتحقيقها بالمزيد من الفكر الواعي المنشود، وبذل الجهد الدؤوب المطلوب، والحرص على التميز في أداء الوزارة.
ولا يعني التميز في الأداء في نظري كمواطن - حَظيَ خلال العمل الوظيفي بالثقة الغالية في عديدٍ من مواقع المسؤولية - أقول لا يعني التميّز أن ينسى المسؤول جهود من سبقوه، أو يحاول تناسيها، بل إن التميُّز هنا - ونحن في مسيرةٍ مباركةٍ تتواصل خططها نحو نهضة شاملة - يعني توظيف إنجازات السابقين الإيجابية، والبناء عليها، وتطوير وتعظيم نتائجها، وتحقيق الاستفادة المثلى منها، ومواصلة العمل لتنفيذ الخطط المرسومة للوزارة، وتحقيق توجيهات ولي الأمر - حفظه الله - بمراعاة أمانة المسؤولية بمزيد من العمل الذي سيشهد على الوزير قبل وبعد أن يترك موقع المسؤولية، فالوزير يدرك مثلُ غيره تلك المقولة الراسخة في الأذهان، التي يتردد صداها على مسامع المسؤولين: « لو دامت لغيرِك ما وصلت إليك «.
حفظ الله قيادتنا وأمدَّها بعونه وتوفيقه، وهيَّأ لمسؤولينا جميعًا سبل النجاح، والله الهادي إلى سواء السبيل.