مساعد بن سعيد آل بخات
عندما نتأمل في سيرة النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- سنجد بأنه قد وضع لنا منهج حياة متكامل, ونموذجاً مثالياً ينبغي على الإنسان العاقل أن يحتذي به للوصول إلى طريق الحق والخير.
لذلك قال صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله, وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم).
ولكن..
حينما نتمعن فيما تفعله (داعش) لا نجد اتباعاً لِما حث عليه قدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فالمشكلة العظمى هنا تكمُن في أن (داعش) ليسوا بكفار فنضع لهم العذر بأنهم يُكِنون الحقد والكره للإسلام, بل إنهم يدعوّن الإسلام وبأنهم على نهج الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي حقيقة الأمر نجد بأن نهج محمد صلى الله عليه وسلم بريء منهم كبراءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.
فداعش يجندون الأطفال في الجيش ويعطونهم الأسلحة لكي يعتادوا على الوحشية والقتل منذ نعومة أظفارهم بعيداً عن الرحمة والشفقة بهم, أما النبي- صلى الله عليه وسلم- ففي يومٍ ما وقف على المنبر يخطب بالناس ويعظهم وبينما هو كذلك فإذا بالحسن بن علي رضي الله عنهما يسير على الأرض فتعثر في ثيابه, فسقط على الأرض, فنزل النبي صلى الله عليه وسلم عن المنبر بكل شفقة ورحمة وأسرع إلى الحسن رضي الله عنه وحمله, وقرأ قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ}.
وفي معاشرة داعش للنساء نجد بأنهم قد استعملوا معهنَّ جميع أساليب القسوة والظلم والاستعباد, أما النبي صلى الله عليه وسلم فكان يوصي بحُسنِ عِشرَة النساء قائلاً: (استوصوا بالنساء خيراً).
وفي تجنيد الشباب ضمن (داعش) فقد استخدموا كل من يصل إليهم مع علمهم بأن أهالي معظم الشباب ليسوا براضين عنهم ولم يسمحوا لهم بذلك, فأين دور (داعش) في تعليم الشباب قيمة الوفاء لأهاليهم, في حين نجد بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان وفياً في الحرب, يقول حذيفة بن اليمان ما منعني أنا وأبى حسيل أن نشهد غزوة بدر إلاَّ أن كفار قريش أخذونا وقالوا: إنكم تريدون محمداً, فقلنا: ما نريد إلا المدينة, فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفنَّ إلى المدينة ولا نقاتل معه, فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بما حدث, فقال وفاءً بالعهد: (انصرفا, نَفي لهم بعهدهم, ونستعين الله عليهم).
وفي تعامل داعش مع أعدائهم نجد بأنهم قد تفننوا في أساليب التعذيب مع الأسرى سواءً كانوا عسكريين أم صحفيين, فاستخدموا الحرق تارة والذبح تارة أخرى وما إلى ذلك من أنواع التعذيب والقتل, أما الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كُسِرت رباعيته وشج وجهه الشريف في غزوة أُحد, فأغضب ذلك الأمر الصحابة, فقالوا للرسول صلى الله عليه وسلم: لو دعوت عليهم! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لم أُبعث لَعَّاناً, ولكني بعثت داعياً ورحمة, اللهم أهدِ قومي فإنهم لا يعلمون).
هذا المقال يا (داعش) لا يتضمن سوى القليل جداً من أخلاق نبينا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم, حتى وإن أردنا أن نؤلف في سيرته العَطِرَة مجلدات فلن نستطيع حصرها لأنها أكبر وأعظم ومن ذلك.
وأخيراً..
لكل داعشيّ اسأل نفسك هل أنت على خُطى نهج قدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم!؟.