عثمان أبوبكر مالي
درس عملي قدمه الدكتور محمد عبدالله بصنوي رئيس نادي الوحدة (المكلف) لأبنائه اللاعبين، وبهم أيضاً، عندما جمعهم مع الإداريين بعد صفارة الحكم في مباراة فريق كرة القدم الأخيرة أمام فريق الباطن في دوري الدرجة الأولى، التي انتهت بفوز الفريق (المكي) وتحقيقه الصعود والعودة إلى دوري الكبار. سجد الدكتور البصنوي ومَن معه شكراً لله تعالى على توفيقه، في منظر جميل ولوحة عفوية رائعة ولقطة جماعية معبِّرة، هي عندي (لقطة الموسم) بلا جدال.
السجود لله من أعظم ما يشكر به الإنسان ربَّه؛ لما فيه من خضوع له سبحانه وتعالى بوضع أشرف الأعضاء - وهو الوجه - على الأرض، ولما فيه من شكر الله بأكثر من عضو وحاسة وأجزاء مهمة فيه، كالقلب واللسان والجوارح.
وأتخيل أن لحظة السجود الجماعية التي أداها الدكتور البصنوي وفرقته ومَن معه على أرض الملعب قد شاركه فيها المئات من الشرائح الوحداوية والمكية في أماكنهم في (الاستراحات والمراكيز والبشك) في مختلف مدن المملكة.. وكأني برئيس نادي الوحدة يوجِّه رسالة إلى الجميع من على أرض (ملعب التعليم) بحفر الباطن، وهو الأستاذ والمربي الفاضل المعروف خلقاً وأدباً وعلماً، وقد تكون (رسالته الأخيرة)؛ إذ جاءت بعد تحقيق الصعود وانتهاء الموسم، ومعه انتهت مهمة تكليفه رئيساً للنادي.
أفتخر بأنني كنت واحداً من أكثر مَن كتب بحياد وطالب بقوة عند (احتدام وطيس) الخلافات الوحداوية - الوحداوية بتدخل الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وتكليف رئيس للنادي من خارج (المنظومة) المعروفة والمتصارعة؛ ليكون على الحياد، وليتسنى له قيادة السفينة بهدوء، والإبحار بها وسط الأمواج الكبيرة المتلاطمة. وأذكّر هنا بآخر ما كتبته في هذا الصدد في عدد الجزيرة رقم (15420) وتاريخ 25 صفر من العام الحالي تحت عنوان (يا أمير.. كلا.. ثم كلا) في رسالة موجَّهة لسمو الأمير عبدالله بن مساعد. ومما ذكرته في ذلك المقال: «..إن أسلوب ردة الفعل الذي تعاملت به الرئاسة العامة لرعاية الشباب مع أمور الوحدة وأحوالها لا يليق بها، ولا يحل الأوضاع، ولا يفيد النادي، وكان بإمكانها ومتوقعاً منها أن تأخذ زمام (المبادرة) وصناعة قرار (حاسم)، يعود بالنادي الكبير إلى الهدوء والاستقرار، ويسمح لرجالاته بالتخطيط والبناء، ولإدارته بالتفرغ والعمل الرياضي فيه، وقيادة فرقه، وتسخير إمكانياته (البشرية) الكبيرة لصالحه ولصالح الرياضة في مكة، بل في المملكة، وفي جميع الألعاب والأنشطة الرياضية. الأمر لا يزال متاحاً للرئاسة ومنتظراً، بل هو أكثر حاجة في الوقت الراهن من أي وقت مضى. والمطلوب تدخُّل (عملي) بفرض مجلس مختار بعناية، وإتاحة الفرصة أمامه لإدارة النادي عامين كاملين، على أن يكون المجلس (الرئيس والأعضاء) جميعهم من خارج الأسماء التي اعتادت (التدوير) على مقاعد الإدارة، ومن الشخصيات الرياضية المكية التي (تزهد) في العمل في النادي أو في الرياضة، لكنها لن تتردد في (تكليف) يحمِّلها مسؤولية عمل إداري جيد، تُعيد من خلاله (صياغة) العمل والتوجهات في النادي، ووضع (استراتيجية) تليق به، وخلق بيئة عمل رياضي حقيقي وسليم يحتاج إليه النادي، وتستحقه مكة، قبل العودة بعد ذلك إلى انتخابات تكون مبنية على سياسة قائمة، وإدارات تأتي وتعمل تحت اهتمام ومتابعة مفروضة و(رسمية)».
ولعل ذلك تحقق بتكليف الدكتور البصنوي، لكنه لن يحقق المطلوب والاستقرار إلا بعد عام آخر إضافي من التكليف والاستمرارية.
كلام مشفر
· استمرار تكليف إدارة نادي الوحدة الحالية يعني الالتفات إلى أمور أخرى أكثر أهمية للنادي والرياضة في مكة، أولها بناء فريق قوي ومستقر ومنافس، وأهمها إعادة تشكيل مجلس هيئة أعضاء شرف النادي وما يمثله من شخصيات وأهمية.
· الصعود أو العودة إلى دوري الكبار هو نجاح كبير للوحداويين، لكنه ليس (إنجازاً) على الإطلاق. الإنجاز المنتظر هو أن يعود (الفرسان) إلى مقارعة الكبار، والصعود إلى منصات التتويج، وذلك ممكن جداً، وهو في يد الوحداويين وتكاتفهم.
· ولنتخيل الوحدة يعود إليها شخصياتها الكبيرة الداعمة مادياً، وقد اتحدت، مثل صالح كامل وعبدالرحمن فقيه وحازم اللحياني ومساعد الزويهري وآل الكعكي وآل التونسي، وغيرهم، وقد اتحدوا جميعاً.
· أختم بالقول إن فعل الدكتور البصنوي (سجود الشكر) من السنن النبوية الثابتة التي هجرها كثير من الناس؛ ولذلك فإنني آمل أن لا تكون هي بالفعل (الرسالة الأخيرة) لرئيس الوحدة المكلف، فمؤكد أن الأستاذ الدكتور لديه الكثير من الرسائل التي تحتاج إليها الوحدة والأندية ووسطنا الرياضي.