عثمان أبوبكر مالي
تعوَّد الوسط الرياضي السعودي على التّباعد والنفور والرفض والتجاوز والتعصب وعدم قبول الآخر وعدم الرضا بأدنى العلاقات الروتينية العامة، عندما يتعلق الأمر بالألوان والميول والانتماء، ولا أحتاج إلى أن أستعيد، أو أُنشط ذاكرة القارئ، لأقدِّم له ما يمكن الاستدلال به على هذا الكلام، فالأمثلة كثيرة والشواهد عديدة وتتجدد دوماً، حتى أصبح بسبب ذلك عندما يهبط القول والحديث أو النقاش في أي مجتمع (غير الرياضي) أو حوار، ولو سياسي يُقال عن ذلك إنه (كلام مشجعين)، والتصق ذلك الحال إلى درجة أن من يرتقي بحديثه من الرياضيين، وفي حواره مع الآخرين، أو يحاول ذلك يُوصف بأنه يتفلسف.
كل ذلك تلاشى مع تباشير عاصفة الحزم التاريخية، وتحوّل المشجع الرياضي البسيط إلى (مسؤول) حقيقي واعٍ ومدرك لدوره وواجباته ومتطلبات موقعه الداعم والمؤيد للقرار الملكي (الحكيم) الذي عصف بأحلام الطغاة والفئة الباغية، وحزم أمرهم بقوة وشدة، وأعادهم إلى الوراء وصغَّرهم أكثر من حجمهم الحقيقي، وقدَّم لهم دروساً عملية، أبصمَ عليها العالم أجمع، ووقّع على أحقيتها وحقيقتها، وهو يتحدث عن (عاصفة الحزم).
ذلك أمر طبيعي، فالمشجع الرياضي هو (مواطن) قبل أي شيء آخر، ولذلك فإن ما كان عليه يُعتبر أمراً عادياً جداً يتوافق ويتفق مع الدور الذي ظهر به المواطنون جميعاً في كل مكان وعلى كل الأصعدة والأحوال، الجميع تماسكَ وتعاضدَ وتباشرَ واندمجَ في الدور نفسه وبنفس القوة والحماس، وسيبقى ذلك ويستمر طالما لواء الحرب معقودة حتى يأتي النصر من الله بتحقيق الأهداف التي دُقت من أجلها طبول الحرب، وهو آتٍ - بإذن الله - عاجلاً أو آجلاً.. {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} الحج 40.
مسؤولون مشجعون
بمناسبة الحديث عن المشجع الرياضي الذي تحوّل إلى مسؤول ورجل دولة، عندما اشتد الخطب وسيستمر، تحتاج رياضتنا إلى فتح ملف (المسؤولين المشجعين) الذين يديرون بعض أجهزتها وإداراتها ومكاتبها، وبشكل خاص بعض المكاتب الرئيسة لرعاية الشباب، والذين يقدمون تشجيعهم وأنديتهم المفضلة على الأعمال والواجبات، ويُظهر ذلك بعض المواقف والقرارات، ولعل حادثة مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب بجدة الأخيرة الذي رفض (إسقاط) اللاعب سعيد المولد لمدة ثلاثة أشهر، وأبقاه في كشوفات النادي الأهلي رغم قرار لجنة الاحتراف وخطابات الأمانة العامة للاتحاد السعودي لكرة القدم (نموذج) لعمل المسؤول المشجع في بعض مكاتب رعاية الشباب، هذه ليست الحادثة الأولى التي يظهر فيها المكتب مثل هذا (التشجيع) غير المسؤول، هناك العديد من الأمثلة والشواهد.
إن الأمير عبد الله بن مساعد، وقد بدأ ينتقي ويختار مسؤوليه ومستشاريه المقربين في إدارته، مطالب بأن يلتفت إلى المكاتب وينتقي لها من يُعتبرون من (رجالاته) ويُخلِّصها من المسؤولين المشجعين الذين فاحت روائحهم من سنوات، وآن الآوان أن تمنح مقاعدهم وفرصهم للصف الثاني من القياديين المتحمسين والممتلئين بالرغبة والطموح، كما فعل في بعض الأجهزة والإدارات في الرئاسة.
كلام مشفر
- هل يُوجد في الأندية الرياضية أو في الرئاسة العامة لرعاية الشباب (أرشيف) به معلومات ووثائق لاعبي كرة القدم؟.. أجزم أن ذلك غير موجود إطلاقاً في الأندية، أما رعاية الشباب فما لها ومال معلومات ووثائق اللاعبين، من يقول ذلك جاهل، بل وأجهل من جاهل.
- الرياضة ليست تنافراً ولا تعصباً، وإنما تبقى في كل الأحوال أقوالاً وأفعالاً وحركات وأخلاقاً حميدة، لا يدع الرياضيون فرصة (وطنية) سانحة دون تحقيق وتأكيد ذلك، ووفق التعريفات العديدة التي تنصهر وقت الحاجة والجد في بوتقة الوطنية.
- المسؤول المشجع في مكتب رعاية الشباب، هو من قام على سبيل المثال بإسقاط لاعبين من فريق نادٍ درجة ثالثة، وتسجيلهم في كشوفات النادي الكبير بعد انتهاء فترة التسجيل والتصنيف، ومر الاحتجاج على ذلك ووضع ملفه في الأدراج.
- ومثال آخر لدور (المسؤول المشجع) نتذكّره عندما يُبدي مكتب رعاية الشباب بجدة قبل مباراة الديربي في أحد مواسم (دوري جميل) رغبة أحد الناديين تأجيل اللقاء، ورفع خطاب إلى لجنة المسابقات طالباً التأجيل بحجة الحج والظروف الأمنية.
- ومواقف وقرارات (المسؤول المشجع) موجودة وتتكرر في الكثير من المدن ومكاتب رعاية الشباب الكبيرة منها والصغيرة، خصوصاً تلك التي لا تزال تُدار بطرق قديمة وعقليات ما قبل (الانفجار الإعلامي) وقرية التواصل الاجتماعي.
- هل من الضروري أن يبقى (المسؤول) الرياضي في منصبه حتى سن التقاعد، حتى إذا كان غير قادر على خلع (عباءة) النادي ورداء الميول وغير راغب في التنحي؟!.. هل من الضرورة استمراره على مقعده، وفي هيكل الإدارات الكثير من المصطلحات التي تُناسب المشجعين والمحنَّطين، وتُجنِّب العمل المباشر ويلاتهم؟