د. أحمد الفراج
كم كنت سعيدا، وكم كان مضحكا ما حصل لمومياء الإعلام العربي، محمد حسنين هيكل، فقد توقع، في حلقة تلفزيونية مسجلة، أن شيئا ما سيحدث أثناء القمة العربية الأخيرة، بناءا على تحليلات سياسية وعسكرية معتبرة!!، وبعد أن خالفت الأحداث توقعاته، غضب، وقرر إلغاء الحلقة المسجلة، وتسجيل حلقة جديدة، تتماهى مع سير الأحداث!!، ومثلما سخرت من المزمار حسن نصر الله، والسباك الإعلامي، عبدالباري عطوان، لم أتمالك نوبة السعادة التي انتابتني نتيجة لهذا الموقف المضحك لمومياء الصحافة العربية، وربما أن إرادة الله شاءت أن يعيش طويلا، وينكشف أمره على الملأ، ولذا أتمنى أن لا يقرر التقاعد، وأن يواصل مسيرته الإعلامية الطويلة، والتي قامت على الدجل، والتطبيل، والكذب على ألسنة الأموات، الذين لا يستطيعون تكذيب رواياته، لأنهم ببساطة أموات، فنادرا ما يروي هذا المومياء عن إنسان حي، فأبطال رواياته دوما ممن لحقوا بالرفيق الأعلى!!.
هيكل يزعم أنه هو الأب الروحي للمد الثوري في مصر، وقد كان قريبا جدا من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وهو يعتاش على ذلك، وكم كان صادما للمخدوعين به، عندما تم نشر صور ومقالات تثبت أنه كان من أشد أنصار الملكية في مصر، وهذا ليس عيبا، بل العيب أنه كان يحاول طمس هذه الحقيقة، والتي كانت ستفقده مصداقيته عند القومجيين العرب، وعلى هذا يقاس تاريخ الرجل، الذي يتلون بحسب كل مرحلة، فقد كان ملكيا، ثم ثوريا، وقريبا من الضباط الأحرار، ولم يمانع في التلون زمن الرئيس الراحل، السادات، ولكن الأخير لم يعطه الفرصة، وعندما قامت الثورات العربية الأخيرة، ثار معها، ثم تحالف مع من تم انتخابه، منذ ذلك الحين!!، وهو لا يدري ماذا يريد بالضبط، فهو تارة يريد الديمقراطية، وتارة يمجد العسكر، ولم أكن لأكترث به، لولا أن لديه متلازمة الخليج، وأهله، مثله في هذا مثل كثير من الإعلاميين العرب، والذين ما زالوا ينظرون للخليج على أنه بئر نفط، وخيمة، وبدوي جاهل، ولا أدري لم لم يكلفوا أنفسهم، ويلقوا نظرة على الأوضاع في بلدانهم، ونظيرتها في الخليج، فالأمر ليس بتلك الصعوبة!!.
لا أريد أن أدخل في تفاصيل علاقات هيكل وابنه مع سفاح سوريا بشار الأسد، ولا عن ثروة هيكل، وشركاته العابرة للقارات، وعلى الجميع أن يدرك أن هجوم هيكل على «عاصفة الحزم»، ودعمه لعصابة الحوثي وايران لم يكن نتيجة لمبدأ، وإنما اصطفافا مع من يدفع أكثر، ولذا فإن عليه، وهو وعبدالباري عطوان، وغيرهم من مرتزقة الإعلام القديم أن يدركوا أن الزمن تغير، وأن الخليج غني بأبنائه، ولا يعنيه ما يقوله تجار الإعلام، ولن يكترث بهم، ولئن كانوا يعتقدون بأن ابتزازهم للخليج سيعود عليهم بالنفع المادي، فليعلموا أن ذلك الزمن السحيق قد ولى، فلم يعد الخليج، أو «جوهرة العرب» بحاجة لأصحاب المبادئ الملوثة، فلديه من أبنائه المميزين من يقوم بالواجب وأكثر، ونتمنى أن لا يسجل المومياء أي حلقة تلفزيونية مستقبلا إلا بعد الاستعانة بصديق، حتى لا تضحك الأمة العربية عليه مرة أخرى!!.