عبد الرحمن بن محمد السدحان
* يُتابع الناس في بلادي وفي سواها من الديار - عربية وإسلامية وأجنبية - يتابعون منذ نحو شهر بقدر من الإعجاب وقائع الحملة العسكرية المباركة التي تقودها مملكتنا الغالية باسم (عاصفة الحزم) ضد الميلشيات الحوثية الفاسدة التي كانت تُعربد وحدها في اليمن الشقيق، زحفاً من مقرها في صعدة شمالاً، لتكتسح المدن والقرى خارجها وفي كل الاتجاهات، حتى تبلغ العاصمة (صنعاء) لتجرّدها من الشرعية السياسية والدستورية القائمة، قتلاً وتنكيلاً وأسراً ومصادرةً للأملاك والأموال، ثم تستمر في الزحف على جنوبي البلاد، مستعينة ببعض إفرازات التشرذم السياسي والقبلي والطائفي في شمال البلاد وجنوبها، لتبلغ غايتها في السيطرة على البلد الشقيق من اليابسة حتى البحر!
* * *
* الكل يعلم منذ البداية أن السطوة الحوثية المتمردة على كل القيم الإنسانية والدولية ما كانت لتبدأ فعلها الآثم وتستمر لولا الابتزاز المقترن بالتحريض سياسياً ومادياً وإعلامياً ومعنوياً من جمهورية إيران الإسلامية، صاحبة (المبادرات) البائسة في محاولة لإحداث أكثر من شرخ في الصف الخليجي، والكل يدرك أن ما فعلته وتفعله ليس حباً في الحوثيين أنفسهم، ولكن توظيفاً لفتنة أحدثتْها في ذلك البلد الشقيق طمعاً في تمكينها من الوصول، هيمنةً ونفوذاً، إلى منفذ باب المندب، عبر عدن والمدن الجنوبية الأخرى، وقد يكون ذلك هو الهدف المباشر، أما الهدف غير المباشر والأكثر حدة فهو محاولة الوصول إلى حدود بلادنا الغالية، طمعاً في تأسيس موطئ قدم في بلاد الحرمين الشريفين، حرسها الله ورعاها!
* * *
* لقد تواصلت استفزازات التمرد الحوثي الغاشم في كل الاتجاهات، وكان لا بد لبلادنا الباسلة بقيادة ملكنا الغالي سلمان بن عبد العزيز - أدام الله عزه - كان لا بد لهذا الكيان الشامخ سياسياً واقتصادياً وحضارياً، من البحث عن سبيل للحد من (العربدة الحوثية) في البلد الشقيق، فطرقت المملكة أبواب الدبلوماسية بحثاً عن مدخل سلمي عبر الحوار بين أطياف القضية، ردْعاً للفتنة، وحقناً للدماء، وإنقاذاً لأرواح البشر وما يملكون، غير أن دعوة المملكة السلمية، المؤيدة إقليمياً ودولياً، قُوبلت بالرفض والعناد من قبل الجانب الحوثي وشركائه المتآمرين معه!
* * *
* ومن ثَم، لم يبقَ أمام المملكة من بديل سوى الخيار العسكري بالتحالف مع بعض دول الجوار الشقيقة، لتقليم أظافر الطغمة الحوثية، وكسر شوكتها، من خلال حملة جوية باسلة ومباركة استهدفت معاقل الحراك الحوثي في طول البلاد وعرضها، بمهنية أبهرت الأسماع والأنظار، وكان من أمرها ما رُؤي وسُمع وقُرئي ما كان!
* * *
* رغم ذلك كله، تؤكد بلادنا الباسلة، عبر أروقه الدبلوماسية، أن خيار السلم ما برحَ قائماً، وحبلهُ ممدوداً، وبابُه مفتوحاً اقتداءً بالهدْي الرباني العظيم القائل: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ}.. (61) سورة الأنفال.
* * *
* بقي لي في الختام القول بأن السجلّ العربي والإقليمي والدولي يشهد أن المملكة العربية السعودية كانت وما برحت وستبقى - بإذن الله -، رائدة للسلام، محبة له، وداعية إليه، وقبل هذا وبعده، كانت أبداً راعيةً للعهد من أجله.
* * *
* وقد بذلتْ بلادنا وحلفاؤها جهداً سياسياً ودبلوماسياً جباراً لتفادي هذه المحنة قبل أن يصل السّيلُ الزُّبَى، ويضيق نطاق الخيارات أمامها لتجنّب الكارثة، غير أن (الاستكبار) الفارسي من جهة، والهمجية الحوثية ومَنْ والاها من جهة أخرى، أثبتت لقادة المملكة البواسل، أنه لا بديل للسلاح دفاعاً عن كرامة المبادئ وحرمة الأنفس وتراب الوطن، وكان لا بد من التصدّي ببسَالة عسكرية مذهلة للزمرة الحوثية المتمردة على الشرعية والحق والفضيلة، ميليشياتٍ وأعواناً، وكانت الضربات الجوية القادمة من الشمال في جوف ليل مفاِجئةً وموِجعةً وحاسِمة، وكانت حكمة وبسالة وإدارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بعد عون الله، مفتاحَ الفرج!