د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
استيقظت بلادي ذات الملك والممالك (المملكة العربية السعودية) صباح الخميس السادس من شهر جمادى الآخرة على أنباء الحزم في عاصفة الحزم، وطوقت شموخ بلادنا فخراً آخر وآخر، كنا - وما زلنا - نباهي به أُمم الأرض؛ إذ بلغنا السماء مجدنا وملوكنا، وشرعت بلادنا في قيادة السلام في العالم، وتبنت الحوار السياسي في أرفع مستوياته، وجال حكامنا في حياض الحكمة، واغترفوا من نميرها ما بهر العالم، وأذعن له الذين لا يرجون حساباً.
عاصفة الحزم عملية حربية متقنة ونقية الهدف والمرمى، صدت المليشيات الحوثية من الإضرار بالشعب اليمني وجيرانه. وجاء قرار الحرب متفقاً عليه، وانطلق من الرياض ودول مجلس التعاون وبعض الدول العربية والإسلامية والشقيقة.
في ذلك الصباح الذي توشح صباحات جلية بدعم جيوش الحق لأشقائهم في اليمن، وإعادة الكرامة للنطاقات العربية، بعدما بلغت غطرسة الحوثي مداها، وصافحني مع شروق ذلك الصباح قول الشاعر اليمني محمد سعيد جرادة، وكأنه يحاكي هذا الزمن، زمن النصرة من الله - عزّ وجل - ثم سلمان الأمة العربية وإخوانه من دول التحالف:
وحينما ضاق صدر الشعب واكتشفت
عيناه في فجره أولى التباشير
شبيبة وكهولاً كلهم أُسدٌ
يكشر الناب في عزمٍ وتشمير
بلاد اليمن موطن ابن ذي يزن وعرش بلقيس وسد مأرب، بلاد النماء والماء، يقول شاعرهم:
وفي البقعة الخضراء من أرض (يحصبٍ)
ثمانون سداً تدفع الماء سائلا
ذلك اليمن السعيد تحول إلى مرتع للإرهاب وتفريخه، واتكأت جماعة الحوثي على دعائم الأحلام المضللة، فتهوروا نحوها وإليها، واندفعت تصفي شعباً آمناً، وباعت بلادها وشعبها وتاريخها، متوشحة بشعارات خارجية معروفة المنشأ، دلفوا يسحقون الكرامات في بيوت العجائز والشيوخ، ويسرقون الفرحة من عيون الأطفال، ويقيمون المتاريس لرئيس مخلوع لم يمهله فساده أن يتربع على أرض وطنه؛ إذ كان ذئبها الغادر، إلا من خلال حفنة ضلّت وأضلّت، وطفقت تلوك من أشجار الشيطان ما يمرر غيها وغوايتها.
قطعت تلك المليشيات طقوس الاستقرار، وروعت الآمنين، ولم تبالِ بمقدرات الشعب، ولا شرعية الرئيس، وأسلمت البلاد إلى هدير محموم، لا يُبقي ولا يذر.
حامت حول الحمى اليمني نوبات شرسة في كل مؤسسات اليمن الشرعية والاستقلال الذي صدح به العالم.
نعم، كان المضمارُ قذراً؛ لا بد من تطهيره، بين بحرنا الأحمر ذي المباهج البيضاء، وبحر العرب الذي تصطف به شهود حضارات العالم، وخليج عدن المحيط بقلب اليمن وروحها، كان هناك تشارك ومشاركة، ورغبة عربية وإسلامية عارمة نحو الحوار في عاصمة الدبلوماسية الرياض، التي تدلت أعطافها على أمم الأرض في ماضيها وحاضرها، ولكن الحوثي قارع قانون السلام، وتحول واقعه إلى غابات ملأى بالثعالب الماكرة تتدثر بطهران، وتؤجج مدخلها بشرعنة مستلبة من قانون الغاب، وقد غلبتها شقوتها فلم تعِ أن في ذلك الملاذ الهش تقويضاً لعرشها المرتقب، وعروش الخيال لأولئك اللئام، الذين أحسبهم ركبوا مركباً صعباً.
الآن يتجرع الحوثي الأيام الباقية، وأهلكته ثكنات التضامن الشماء، ونهشت أشلاءه صقورنا البواسل التي تشكلت تغطي سماء اليمن سحائب تغترف سكينة شراذم الحوثي، وتسقيها الحرث والنسل في أودية اليمن السعيد، وسهوبها المشمسة، وجبالها المنيعة.
عندها صلصل في أذني قول الشاعر الزبيري:
يا قوم هبوا للكفاح وناضلوا
إن المنام على الذمام حرام
تستسلمون إلى قساة ما لهم
خلقٌ ولا شرعٌ ولا أحكام
نعم، إن وضع الحوثي وجماعته الآن وضع المعتقلين خلف الكثبان المضللة التي تنتظر أن ينفرط غطاؤها، وموعدهم الصبح، أليس الصبح بقريب.
ونحمد الله الذي شق لبلادنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان محارات الحق والحقيقة، وأصبحت لآلئها تزين كل تفاصيل الحياة في محيطنا ومحيط أشقائنا ممن ينادي ويستغيث، فكانت عاصفة الحزم رسالة الحزم من خادم الحرمين إلى واقعنا العربي والإسلامي بأننا في قِبلة المسلمين:
نحن ما شئت خلة ووفاء
نحن للمعتفين ظل ظليل
نحن حب لمن أراد التآخي
وسهام للمعتدي ونصول