د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
تحزم بلادنا عزائم القوة، وتباري أوقات النصر؛ فتأخذها غلابا، ثم تحفل بكل صوت شجاع في عمق حرب الكرامة العربية «عاصفة الحزم»:
لمّا أهاب بسوحنا صوت الفِداء
أعطى وأذكى فيه سلمان المضى
سلِمت يدا شعب الجزيرةِ إنهُ
أعطى وجاهدَ واستجاب وأقرضا
هناك في بلاد اليمن السعيد تراءت لنا -بعون الله- تباشير تحقيق النصر على أعداء الأمة وأمنها واستقرارها.
هناك تسكن ثلة من محاربي الأيام الشموس والليالي المقمرة التي يجتمع فيها ذوو العقول والأفهام ليمشوا في مناكبها، ويأكلوا من رزقه؛ ويقيموا أود الشعوب ويحفظوا كرامتهم موقنين كل اليقين أنه إليه سبحانه وتعالى النشور والمآل.
إن قيادة عاصفة الحزم شرف توّج بلادنا ولن تنساه لها الشعوب المحبة للأمن والسلام والكرامة الإنسانية في جل متطلباتها.
ولترصيع جواهر أخرى لذلك التاج وتمكينه من العلو والثبات فإنه يلزمنا الانعتاق من بعض أبواق الإعلام المأجورة التي تحيطنا؛ وإن أبتْ عقولنا الحرة، ونفرتْ أقلامنا المستنيرة بواقع يعانق السماء نماء وإشراقا.
نعم في بلادنا ذلك الوطن الأِشّم يحيطنا النور ويملأ الدنيا بهجة وسعة؛ كما أن تدافع الأحداث يعكس أننا أمام وطن لا أبهى ولا أجمل من لوحاته المتتابعة في نصرة ومؤازرة شعوب العالم التي تكافح للخروج من الجدران القديمة، وترنو إلى عالم الضوء والحب.
إن طلائع الحزم في عاصفة الحزم هي مشروع حيوي لاستنبات العزائم وإيقاد المساحات المعتمة، وتحويل أحلام الأمة إلى حقائق تتجلى في ثنائية الحرب والسلام.
إن صوت أبطالنا المحاربين في عاصفة الحزم، فجع بالعدو المخاتل المتربص الذي لا يرعى للمؤمنين حقاً ولا ذمة، وتألم من الأطفال الموؤدين تحت شراسة الفاقة، والشيوخ المتلهفين لنكهة القهوة المكلومة على أرضها، وكثر الحديث بجانب الحدث، وتبادل الأبطال حكايات الشعب اليمني المكبل بشبح الإبادة من الحوثي وجماعته، وعن أنين الأماكن الملبدة بالوحشة والاغتراب عن الوطن الحاضر الذي يعيشون فوق ترابه.
وبعد هذا السرد الحربي الوجداني المؤلم تمظهرت في الفضاءات الإعلامية المأجورة حكايات أخرى تمسرح الحزم في عاصفته، وكأننا في (بسوس) جديدة أو (داحس) أخرى، أشعلتها توافه الأنا والغلبة التي تناسلت من عصبيات جاهلية وجاهلة حينما كانت الحرب بسبب ناقة أو سباق بين ركوبتين، وطفقت تحمل في ثقالها إدانة واحتجاجاً إزاء جمر الاستلاب وترميد الحضور القبلي الطاغي.
وهل أنا إلا من غزيّة إن غوت
غويتُ وإن تُرشد غزيّة أرشد
ذلك الإعلام الرخيص وأبواقه نلمح ونحن نستمع أو نرى أو نقرأ لأبجدياته وصوره وأصواته؛ عودة خاطفة إلى أزمنة متقلبة متصادمة إلى حد تفتيت بعض الرؤى المتفائلة لدى الشعوب، وطمس معالم المستقبل الواعد الجميل بألوان الخصب الذي تحلم به الشعوب المقهورة، وكذلك زعزعت الثقة وعكس صور الانتصارات إلى هزائم، وتكريس الشعور بالخنوع، وتضليل الرأي العام.
نعم إن للإعلام دوراً ورتباً ومساحات ومسافات تمخرُ عباب الحقيقة، وتُلبسها دفقة من الثبات والصدق، وتجلِّلها بالإقناع، وتحيطها باصطفاء العقل والوجدان، وتستحضر مواقف القادة الرائعون في بلادنا، فنكون في حضرة المشهد نباركه وندعو له بتوفيقٍ عرضه السماوات والأرض في خِضم عارم من المفاخر التي تهفو إلى إعادة صياغة الكرامة العربية والإسلامية التي أرادها الله لعباده.
قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} سورة آل عمران آية 110
وبذلك يتحقق الوصول إلى إرساء دعائم الفضيلة في الأرض وفي وشائج الشعوب التوّاقة إلى السلام والاستقرار، وذلك مفتتح الإعلام وخاتمته.
* بوح للإعلام الصحفي
يقول عبدالله بن خميس رحمه الله:
صدقوا ومأثور الهداة هباتها
قالوا صحافة أمةٍ مرآتها
فيها تكون عيوبها مجلّوةً
وتكون في طيّاتها حسناتها
حفِظ الله بلادنا ونصرها وأتم لها عقود الأمن والأمان.