خرجت حركة الحوثيين في التسعينيات الميلادية من القرن الماضي في محافظة صعدة في اليمن الشقيق، وسمَّت نفسها (الشباب المؤمن)، ومن أبرز مؤسسيها بدر الدين الحوثي، ثم تولى رئاستها من بعده ابنه حسين، وكان النشاط لهذه الحركة عقدياً يهدف إلى نشر المذهب الزيدي.
وبعد اتحاد شمال اليمن مع جنوبه فُتح المجال أمام التعددية الحزبية، فكان لهذا التنظيم مقعد في مجلس النواب في الدولة ممثلاً عن الطائفة الزيدية، ومع الانشقاق بين علماء الزيدية من جهة وبين بدر الدين الحوثي من جهة أخرى بسبب آرائه المخالفة لهم، وميله الواضح لمذهب الشيعة الاثني عشرية وقبوله بعض معتقداتهم، حينها أصدر علماء الزيدية بياناً تبرأوا فيه من الحوثي وأتباعه وآرائهم، فاضطر الحوثي للهجرة إلى إيران، ومكث فيها سنوات عدة تغذى فيها من المعتقد الصفوي وازدادت قناعاته بالمذهب الإمامي الاثني عشري، ثم عاد الحوثي إلى اليمن عام 2002م لنشر أفكاره الجديدة، ومنها سَبُّ الصحابة وتكفيرهم، ووجوب أخذ الخمس، وغيرها من الأمور التي يقوم عليها مذهبهم المنحرف، وكذلك إرسال أبناء صعدة للدراسة في قم والنجف ليلقنهم أصحاب العمائم أن كل حكومة غير ولاية الفقيه النائبة عن الإمام المُنتظر هي حكومة غير شرعية وغير معترف بها، ولهذا كان للحركة الحوثية اتجاه ثوري ناقم على الحكومة اليمنية، فاندلعت حروب عدة كلفت بلاد اليمن أعداداً كبيرة من الأرواح وخسائر فادحة في الأموال والممتلكات.
ثم برزت هذه الحركة على الساحة بسبب الدعم الصفوي بالمال والعتاد اللا محدود مع الشعارات الرنانة التي كان يطلقها الحوثيون كقولهم (الموت لأمريكا) و(اللعنة لإسرائيل) وغيرهما من الشعارات الزائفة والتي جرّت إلى صفوفهم أعداد كبيرة من أبناء اليمن المخدوعين وربما من خارجه.
إن الحركة الحوثية تنتمي في أصلها إلى الفرقة الجارودية، وهي أشد الفرق الزيدية غلوَّاً وشططاً، فمن عقيدتها أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على إمامة علي بعده بالوصف لا بالاسم، وأن الصحابة كفروا بتركهم بيعة علي بن أبي طالب، يقول بدر الدين الحوثي في كتابه (إرشاد الطالب):
(الولاية بعد رسول الله لعلي - عليه السلام - ولم تصح ولاية المتقدمين عليه بذلك سواء رضوا أم لم يرضوا)، مع أن هؤلاء -رضي الله عنهم- هم الذين اختارهم الله لصحبة نبيه وتبليغ رسالته.
يقول الإمام أحمد -رحمه الله: إذا رأيت الرجل يذكر أحداً من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام. ويقول أبو زرعة -رحمه الله- «إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق».
ومع ذلك يقول أحد زعماء الحركة الحوثية بدر الدين الحوثي في كتابه «الإيجاز في الرد على فتاوى الحجاز وعلى عبدالعزيز بن باز» (أنا عن نفسي أؤمن بتكفيرهم) يعني: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
ويقول ابنه حسين الحوثي: «واحتراماً لمشاعر السنة في داخل اليمن وخارجها كنا نسكت مع اعتقادنا أنهما - أي الشيخين أبو بكر وعمر - مخطئون عاصون ضالون».
وهذا قليل من كثير من معتقداتهم الباطلة وقد دونت في كثير من كتب أئمتهم وساداتهم ومنهم الخميني الهالك الذي أعطوه صفات لا تليق إلا بالله العلي القدير، وها هم يفضلون الحج إلى مشاهدهم أكثر من الحج إلى بيت الله الحرام، واعتقادهم أن كربلاء حرم آمن، وإنك لتعجب أن تنطلي هذه الاعتقادات الفاسدة على بشر يحملون عقولاً في رؤوسهم، ولكنه الشيطان سوَّل لهم وأملى لهم، وهؤلاء الحوثيون ومن وراءهم يسعون منذ فترة لبناء تحصينات في الجبال والأودية والأدغال، فأقاموا الخنادق وكدسوا الأسلحة والذخائر لكيد حكومة اليمن وزعزعة أمنها وقد حصل، واتخذوا الوسائل كافة، كاستغلال ضعف الأطفال القصر لنقل المتفجرات بينهم، وارتداء ملابس النساء، وادعاء الضعف والاستسلام. وهذا ما عرف عنهم عند محاولتهم التسلل عبر حدود بلادنا الجنوبية، ولكن الله خيب آمالهم وأبطل كيدهم وردهم على أعقابهم خائبين مخذولين على أيدي جنودنا البواسل، ولله الحمد والمنة.
إن قوماً هذه معتقداتهم الفاسدة وسلوكياتهم السيئة وأهدافهم الخبيثة، ليستحقون التنديد بهم والكشف عن مخططاتهم والتحذير منهم وبيان خطرهم ومكرهم، سائلين الله أن يجعل كيدهم في نحورهم ويشتت شملهم ويمزقهم شر ممزق ويحفظ بلادنا وجميع بلاد المسلمين من كيد الكائدين ومكر الحاقدين - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
- محمد بن ناصر العريني