تكرر المشهد عدة مرات لهذا الملك الدقيق المنظم الحازم العادل المثقف المتدين الحنون الوفي الشجاع الحازم الحاسم العامل لدينه وشعبه وأمته.
كانت القاعة الضخمة تغص بالحضور، والمناسبة معرض تاريخ الملك فهد، حيث غالب ملك البلاد دموعه وطلب الحديث وتوجه لمنصة الخطابة قائلاً: (يشرفني أن أكون بينكم لنحتفي بوالدي الثاني فهد بن عبدالعزيز. لقد تربيت من صغري تحت ظله ورعايته، وأشكر أبناء الملك فهد الذين عملوا هذا الحفل، وأقول إنني أعتز وأفتخر أن أكون أخاً للفهد، وأن أحضر بينكم هذه الليلة، وأشكر أبناء الملك فهد على هذا المجهود وشكراً).
تأثر الحضور بالموقف الإنساني وبالوفاء الذي عرف به ملك الوفاء الذي بكى لوفاة والده ثم إخوانه سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله وسلطان ونايف وكذلك فلذتي كبده فهد وأحمد، وها هو يتولى مقاليد الحكم بعد التجارب الثرة العميقة مع والده وإخوانه.
وكانت الملايين التي توجهت إلى قصر الحكم والديوان الملكي وإمارات المناطق لمبايعته بالملك ومبايعة ولي عهده وولي ولي عهده، وتحمّلت الزحام والانتظار، تحمل التأكيد على الثقة والولاء في هذه البيعة، وأن الوطن سيشهد -بإذن الله- مستقبلاً رائداً من الأمن والاستقرار والازدهار.
وكان حسمه خلال الساعات الأولى من حكمه بترتيب أمور الحكم واستقراره واستمراره للأجيال القادمة ثم الاهتمام بالجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية والتنموية، وإعادة تشكيل مجلس الوزراء، وضخ دماء شابة وخبرات متنوعة تعمل للدين والوطن والأمة. ثم شاء الله، ليواجه بظروف سياسية وأمنية خطيرة لم يتردد فيها في الدخول في حرب حازمة بشكل مفاجئ حازم؛ حماية «بعد الله عزّ وجل» للدين والوطن، فالتف الشعب حول مليكهم، والتف العالم الإسلامي والأمة العربية تجاه التدخلات الإيرانية في المنطقة والأطماع السيئة المقصد، وتوكل على بركة الله وعونه لخوض معركة الحزم والشجاعة والحسم.
وجاء التراكم الشعبي الهائل لحب هذا الرجل من خلال السنوات التي خدم فيها الوطن ومن خلال ما لمسوه من إنجازات وعطاء مميز وخبرة اكتسبها من معايشته للأحداث والتجارب مع والده وإخوانه، فكانت دموعه تلك الليلة رسالة صادقة على الوفاء وأنه على نهج والده الأول الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ووالده الثاني الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله-.
إن هذه الحرب التي جاءت لنصرة الشرعية في اليمن تتطلب شحذ الهمم في وسائل التعليم والدعوة والإعلام والثقافة والاقتصاد لمناصرة الرجال الأبطال الذين يشاركون في الحرب وخلفهم النساء القويات الوطنيات المخلصات لدينهن ثم مليكهن ووطنهن من أمهات وزوجات وبنات اللواتي يتحملن الكثير الآن وهن يفتخرن بالابن والزوج والأب الذي يشارك لخدمة دين الله والحرمين الشريفين والدفاع عن وطن المقدسات الإسلامية.
وعلى الجميع الدعاء للأبطال في ساحات الشرف والبطولة بأن ينصرهم الله «عزّ وجل» وأن يسدد رميهم، وأن القلوب معهم والرحمة من الله «عزّ وجل» للشهداء الذين حازوا على شرف الشهادة.
وبحمد الله الروح المعنوية مرتفعة والمطلوب الإعداد الذهني والنفسي والجدية لمواكبة الحدث والإعداد لبرامج التطوع التي تشرف فيها الكثير من المواطنين السعوديين للتدريب، ومنها معسكر كلية الملك خالد العسكرية الذي جمعني أثناء حرب الخليج الثانية عام 1991 بمجموعة كبيرة من المواطنين؛ أمراء ودعاة وأكاديميين ومثقفين ورجال أعمال، تدربنا على فنون القتال والرمي والمشاة والمناورات العسكرية، وما أجملها من أيام، حيث ربما يتطلب الأمر لفتح معسكرات التطوع عند الحاجة -لا قدر الله- لخدمة الدين والدفاع عنه، وهو طموح كل مسلم للذود عن وطن المقدسات المملكة العربية السعودية، حيث كشر الأعداء عن حقدهم، ولا نعرف ما في صدورهم حتى من يدعي الدعم والمؤازرة، حيث يتوجب على المسلم الحذر والانتباه والحرب خدعة.
- سعود المصيبيح