د. عبد الله المعيلي
إنه من الفأل الحسن، ويمن الطالع، أن يستوحى عنوان العملية العسكرية في اليمن «عاصفة الحزم» من مقولات رجل عظيم، رجل يشهد له التاريخ بالحكمة والحنكة، وبعد النظر، والإنجازات والنجاحات المتتالية في أعماله الحربية والمدنية، فسطرها التأريخ في سجلاته للاعتبار، يشهد التاريخ أن الملك عبد العزيز -رحمه الله- صنع معجزة في شبه الجزيرة العربية، معجزة قل نظيرها لكونها واجهت التحديات بكل صورها، البشرية والمالية، الزمنية والمكانية، فبدأت مما دون الصفر في كل شأن من شؤون التنمية الاجتماعية المختلفة.
إنه الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، يقول رحمه الله:
«الحزم أبو العزم أبو الظفرات
والترك أبو الفرك أبو الحسرات»
إن عزم الملك عبد العزيز وحزمه المشهود له به، حقق الكثير من الإنجازات والمآثر، يأتي في مقدمتها أنه وحد هذا البلد العظيم المملكة العربية السعودية تحت راية واحدة، راية جمعت بين أقدس عبارة، لا إله إلا الله محمد رسول الله، عبارة ولا أجل منها ولا أشرف، تفتدى بالروح والمال والولد، ويجللها سيف يحمي الحق والعدل، وشجرة النخل تلك الشجرة المباركة التي تعني الكثير للإنسان في شبه الجزيرة العربية.
فتبدلت حال الإنسان في شبه الجزيرة العربية، من حال الفقر وقلة ذات اليد، حال التناحر والاقتتال، إلى حال تعد مضرب المثل في التعاضد والتآلف، ومن الخوف إلى الأمن، ومن الفقر إلى الغنى، تنمية ونماء وبناء، في شتى محالات الحياة الرئيسة، الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والزراعية.
ها هو الملك سلمان بن عبد العزيز سليل هذه الأسرة الكريمة، يجسد قيم هذه المدرسة وسماتها، ويعيد أمجاد تاريخها، وصلابة موقفها، دون تهيب أو تردد، وروحها العازمة الحازمة الوثابة، ويؤكد أن القوة هي قوة الإرادة، والإيمان بصواب الموقف، وليس قوة الخيارات الخشنة التي تبين أنها لا تجدي نفعا إذا كان قمة هرمها مترددا، خائر القوى ضعيف الإرادة، لا قدرة لديه ولا خبرة في مواجهة المواقف الصعبة والأزمات الجسام، التي تتطلب أحراراً بكل ما تعنيه هذه الكلمة، مبنى ومعنى.
سجلات التاريخ وذاكرته، حافلة بذكر الشواهد والصور التي لا يقدر على صناعتها إلا القادة الأفذاذ الذين قل أن يجود الزمان بأمثالهم، فمما يذكره التاريخ عن قيمة الحزم، ما يروى أن عيسى بن علي كتب إلى أمير المؤمنين المنصور أبو جعفر عبد الله بن محمد لما هم بقتل أبي مسلم:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا تدبر
فإن فساد الرأي أن تتعجلا
فرد عليه المنصور بهذين البيتين:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة
فإن فساد الرأي أن تترددا
ولا تمهل الأعداء يوما بقدرة
وبادرهم أن يملكوا مثلها غدا
فالعزم التأهب للأمر، وهو إرادة يقطع بها من ينوي فعل شيء تردده في الإقدام على ما عزم عليه، لأن التردد يمنح العدو مزيداً من الوقت ليعيد ترتيب أوضاعه، وتعزيز قواته وقدراته، لذا يجب أن يكون الحزم سيد الموقف، وألا يلتفت القائد إلى الوراء إطلاقا، فالحزم هو إنفاذ الفعل بكل ما أوتي القائد من قوة واقتدار وإمكانات.
إذا كانت الحال بهذه الصفة، فالظفر والفوز والانتصار هي الثمرة المؤكدة، هكذا يشهد التاريخ، وهكذا يحكي الواقع، و»عاصفة الحزم» تشهد بذلك وتؤكده، كيف لا، وصانع قرارها الملك سلمان، قائد واجه الأزمات والأحداث الجسام بالحزم والعزم، زاده الله توفيقا وسدادا.