د. عبد الله المعيلي
نردد كثيراً «أن الأول ما خلى للتالي شيء»، بمعنى أن الأوائل الذين سبقونا في رحلة الحياة، خلصوا من المواقف التي مروا بها، والتجارب والخبرات التي خبروها عبر ما تواتر في مسيرة حياتهم، إلى حكم وأمثال وأقوال، لخصوها وصاغوها في عبارات موجزة، وكلمات بليغة جميلة، جامعة مانعة، فغدت تستخدم ويستشهد بها للدلالة على صفة حالة طالما تكررت وتتكرر في حياة الأمم و الشعوب بالمضمون نفسه، ويعبر عنها رغم اختلاف البيئات بصيغ وأساليب مختلفة، لكن المفاهيم والدلالات واحدة.
(شين وقوة عين)، مقولة مشهورة، يبدو أنها مألوفة مفهومة معروفة في جل الثقافات، فهي تدل على أنه من غير المألوف والمتقبل أن يجتمع «الشين» وهو صفة نقص، وهو عكس «الزين» مع بجاحة وتعال وتكبر على الآخرين، والتقليل من شأنهم، وإلصاق التهم بهم، وهو الناقص أصلاً في تكوينه وممارساته، فقد جرت العادة أن أمثال هؤلاء يتوارون عن نقد الآخرين، وعن التطاول عليهم، نظراً لما يعتري واقعهم من أوجه نقص تحول بينهم وبين أن يمارسوا مثل هذا الدور الذي يفتقدون الكثير من مقوماته.
وقيل في الأمثال: «اللي بيته من زجاج لا يرمي الناس بحجر»، فهل يعي وزير خارجية السويد هذه المسلمات؟، هل يعي أن بيته أوهى من بيت العنكبوت؟، بالتالي كيف يجرؤ على بيوت أشرف من بيته وأسمى، وحتى نتسامى عن ردود الأفعال المنفعلة، ونذكر بعضاً مما في بيت وزير خارجية السويد هنات ومساوئ، وهي ظاهرة معروفة لدى القاصي والداني كما الشمس في رابعة النهار، كي يعرف الآخرون أوجه النقص في هذا البيت الحقير، الذي لا تعنينا حقارته، ولا ما يحصل فيه من ممارسات وهنات هي أقرب للحيوانية منها لبني البشر، هذه أمور لا تعنينا من قريب ولا من بعيد، وبالتالي لن نلتفت لها، فأقلامنا وشيمنا أسمى من أن تقف عند القاذورات تشير إليها وتذكرها.
الذي يعنينا وتنتشي لذكره مشاعرنا ووجداناتنا، ولا نقبل أن يمس ولو بغزة شوكة، هو بيتنا الكبير المملكة العربية السعودية، هذا البيت السامي في مرجعيات تكوينه وقيمه، في مصادر مبادئه وأخلاقه، في أنماط سلوكه وتعاملاته، جدير أن يعرف الآخرون أنه بلد أصيل، يمتلك مخزناً قيماً من المبادئ والقيم والأخلاق، وأنه ليس مجرد بائع بترول، فتحت له خزائن الأرض فصار بعدها شيئاً مذكوراً، وأن أهله بدو حفاة، لا يعرفون من الحضارة إلا اسمها وبعض ملامحها ومظاهرها، واهم من يظن هذا ويعتقده، إنه بلد عندما كان الإنسان في أوروبا يعيش تحت مطرقة الكنيسة وتعسفها، وسندان الجهل وهدر الحقوق، كان الإنسان في هذه البلاد وعموم بلاد الإسلام، محفوظة كرامته، ونفسه ودينه وماله وعقله وعرضه، إنه يعيش عيشة مفعمة بالحرية في أجل صورها، وبالعدالة بأسمى معانيها.
ومن هذا المنطلق يجب على الإعلاميين ومؤسسات الإعلام والكتّاب ألا ينشغلوا ويشغلوا أنفسهم بما يجب أن يتخذ تجاه السويد من قشور المقاطعة وغيرها، وأن يتجهوا إلى إلقاء الأضواء على الحقائق المشرقة، والصور المضيئة، التي تعكس واقع حياة السعودي، وما يتمتع به من حرية وعدالة يجهلها وزير خارجية السويد والكثير من أمثاله من متعصبي الغرب الذي عميت بصائرهم عن رؤية الحق والاعتراف به.
يذكر أحد الوافدين العرب من غير المسلمين الذي يعمل في المملكة منذ سنوات طوال، يقول: حصل خلاف بيني وبين أحد السعوديين على حقوق مالية، فشكوته على القضاء السعودي، استغرب بني جلدتي وديانتي من جرأتي، وقالوا: لن تحصل على حقوقك طالما دينك يختلف عن دينهم، لكن عدالة القضاء السعودي وإنصافه ونزاهته، خيبت ظنهم، وصدر الحق ضد السعودي وألزم بدفع الحقوق كاملة.
كثيرة هي الصور المضيئة في القضاء السعودي، فالمعين الذي يستند إليه في حيثيات أحكامه معين سماوي عادل، إنه أساس فخرنا واطمئناننا، وعلينا الإعلام عن هذا والتعريف به.