صلاح بن عبدالعزيز الحسن
منذ أن قدِمنا إلى هذه الحياة، بدأنا نتعلم ونعي معالمها، ونحن نعيش على ثرى هذه الأرض الطاهرة قبلة المسلمين أرض الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، يعيش معنا أخلاط من الإخوة العرب والوافدين الأعاجم، على اختلاف مشاربهم وتنوع ثقافاتهم ومعتقداتهم وخصوصيات مجتمعاتهم، والكل يتنفس الأمن ويعيش الاطمئنان والسكينة والعدل، ويتقلب بصنوف النعم والأرزاق، بتمازج قلّ أن تجد مثيلاً له، ويتحقق في هذا قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) سورة العنكبوت.
هذا على الرغم من الأحداث الجسام والمتغيرات المتلاحقة التي عصفت بالعالم والمنطقة بشكل خاص، بالتزامن مع التطور التقني وتعدد وسائل التواصل والاتصال وتمازج الثقافات وانحسار الفوارق والخصوصية بشكل عام، وتشكل نماذج موحدة متشابهة الشكل! فلا تكاد تفرق بين ما يعرض من مشاهد ونماذج، وبات من الصعوبة تحديد مكان الحدث وجنس النموذج!
وظهر الكثير من النماذج الموحدة في الشكل! واللغة! والسلوك!
وعلى الرغم من كل هذه التحديات والمتغيرات الجسيمة، حافظت بلادنا بقيادة حكيمة من ولاة الأمر وتأييد مطلق من أهل الحل والعقد والنُخب وعامة الشعب على تعاون وترابط نسيج المجتمع الذي أذهل القاصي والداني، وبدت المملكة العربية السعودية نموذجاً مميزاً بقوته وإرادته وقدرته الحفاظ لهذه الخصوصية المتفردة بإيمانها وتمسكها بدستورها الرباني المرتكز على القرآن وسنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-.
إذ لا يستغرب هذا الاهتمام من قبل خادم الحرمين الشريفين وتلبيته لنداء الشرعية والواجب لإخواننا في اليمن الشقيق لتخليصه من الفئة الباغية البغيضة التي عاثت في الأرض الفساد وأمعنت بسفك الدماء وهدم المساجد وتدمير مقدرات الشعب الآمن بدعم من إيران، نسأل الله لأهلنا في اليمن السلم والأمان ومزيداً من التقدم والازدهار.
وعوداً على ذي بدء نستحضر في السياق قوله عز وجل: الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) سورة الحـج.
فمنذ أن قامت الدولة السعودية قبل أكثر من أربعمائة عام على دعوة الحق، حتى عهد التأسيس على يد الموحد عبدالعزيز (رحمه الله) وها نحن نعيش تحت راية التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) في عهد الرخاء والاستقرار والمنعة والتمكين آمنين مطمئنين بقيادة (وأستعير مقولة أحد الإخوة اليمنيين المقيمين بيننا: معتصم هذا الزمان) يقصد خادم الحرمين الشريفين الملك المسدد سلمان الحزم (حفظه الله) وجميع قياداته ورجاله المخلصين.
وسنورثها لأبنائنا وأحفادنا، ونوصيهم بالحفاظ على هذه الراية الخالدة والالتفاف حولها.
فالحمد لله حمد الشاكرين حمداً يليق بجلال قدره وعظيم سلطانه، ونسأله عزّ شأنه أن يحفظ بلادنا وولاة أمرنا وجنودنا المرابطين، ويسدد رميهم ويربط على قلوبهم ويؤيدهم بنصر من عنده إنه ولي ذلك والقادر عليه.