عبد الاله بن سعود السعدون
أظهر الجانب الإيراني ترحيباً مصطنعاً حين تم استقبال الرئيس رجب طيب أردوغان لإدراكه لأهمية الملفات الإقليمية الهامة التي يحملها أردوغان معه لمناقشتها مع الرئيس روحاني والمسؤولين الإيرانيين، وأبرزها الوضع الملتهب في اليمن الشقيق والبحث عن حل توافقي لقضية الشعب السوري وطي أوراق هذا الملف بعيداً عن مشاركة بشار الأسد في مراحل تنفيذه فهو خارج كل الحسابات التركية ولا دور له في الحل بل وجوده على رأس السلطة مرتكز المشكلة....،
تتميز هذه الزيارة التي تصفها المصادر الدبلوماسية والإعلامية التركية والإيرانية بالمهمة جداً وهي الزيارة الأولى للرئيس أردوغان بعد توليه سدة الرئاسة ومع أن العلاقات الإيرانية توصف بالطيبة ومبنية على البركماتية في مستواها الإقليمي لاستنادها على كشف حسابات المصالح والمنافع المتبادلة إلا أن أصواتا عديدة صدرت من طهران غير مرحبة بهذه الزيارة إلى حد أن طالب عدد من النواب وقادة الحرس الثوري الإيراني بإلغائها، وجاءت إجابة أردوغان على هذا الضجيج الإعلامي بقوله: (إن هؤلاء ليسوا بالمستوى الذي يجب أن نرد عليهم).
السلطة الإيرانية مدركة لأهمية الأوراق التي يحملها أردوغان في أجندته بعد المستنقع الوحل الذي كشفت عنه عاصفة الحزم والدور الإجرامي لطهران في عملية تخريب وتقسيم اليمن الشقيق، وهي تحاول جاهدة لتخليص رقبتها من ورطة اليمن فجربت وسطاءها المتبرعين دوماً لمثل هذه المهمات (من بعض) الأشقاء الخليجيين إلا أن وساطاتهم ونصحهم أخذته عاصفة الحزم مع ريحها الشجاعة... وجاء المشروع الروسي المقدم لمجلس الأمن الدولي فقرة في هذه المحاولات... وجاءت الزيارة الهامة لسمو ولي ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف- حفظه الله- لأنقرة ليطلع سموه أنقرة بأن سياسة المملكة العربية السعودية اعتمدت دوماً على السلام وتجنب الحروب إلا أن عاصفة الحزم جاءت تلبية لاستغاثة الشرعية اليمنية ودعوتها بنداء الأخوة الموجهة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود نصره الله لإنقاذ الدولة والشعب اليمني من تسلط وإجرام عصابة الحوثيين وبقايا المؤيدين لعلي عبدالله صالح الرئيس المخلوع فلبى النداء- حفظه الله- وبكل شجاعة وقوة بعد مشاورة أشقائه ملوك ورؤساء دول الخليج العربي وإجراء اتصالات عربية ودولية بمن فيها تركيا وباكستان وكثير من الدول الأوروبية أيضاً ويتلخص المطلب السعودي بتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن بأكمله وعودة الشرعية الدستورية لتسلم مهام السلطة وإنهاء تسلط ووجود الحوثيين وأعوانهم في الحياة السياسية اليمنية ومحاسبة كل من نهب السلطة وأجج الفوضى الدموية في ربوع اليمن... وحينئذ تتوقف العمليات العسكرية التصحيحية لعاصفة الحزم؟ وإلا فعاصفة الحزم والكرامة العربية مستمرة لتحقيق أهدافها السامية في حفظ الأمن القومي العربي...،...
استبق أردوغان زيارته لطهران بتصريحات وصفها الإعلام الإيراني بالعدوانية والطائفية وإرسالها للنظام الإيراني لتشكل الإطار الأوسع لدور إيران التسلطي في العراق وسوريا.وموقفهم الأخير من مساندة وتأييد التخريب الحوثي ومده بالأسلحة وتمثيل الدور المشارك في جرائم هذه العصابات ومن يؤيدها داخل التشكيلة الخارجة عن سلطة القانون ونهب الدولة. ومؤسساتها الرسمية وفرض سلطتهم بالقوة والعصيان على الشرعية كل هذه التصريحات الجريئة التي أطلقها أردوغان من أنقرة ووصفه للحوثيين بالإرهابيين القتلة ومطالبة إيران من الانسحاب من اليمن، كل ذلك سيلقي بظلاله على المباحثات الرسمية التي وصفت بأنها ثنائية ومغلقة بين روحاني وأردوغان!!
كل متابع للاستراتيجية الإيرانية في علاقاتها الخارجية وأسلوب تفاوضها المراوغ ستؤدي هذه الزيارة إلى نتائج نشطة في المجال الاقتصادي واتفاقات ثنائية في تشجيع وتنمية التجارة بين البلدين وتنشيط الحركة السياحية، ويأتي حجم واتساع الوفد المرافق للرئيس أردوغان والذي ضم وزير الخارجية والتجارة والسياحة والطاقة وخبراء عديدين من القطاع الصناعي والتجاري التركي... أما الملفات الهامة والرئيسية فتحول للدراسة والتفاوض المستقبلي للوصول بها للحلول المناسبة مع إرفاق ملحق جديد يحمل مطالب إيرانية معجزة و محرجة وغير قابلة للتنفيذ تحت وطأة الظروف الملتهبة الحالية وبالذات على الساحة اليمنية.
.... العلاقات العربية التركية متينة وإستراتيجية والرئيس أردوغان حريص كل الحرص لتنميتها لإدراكه بالتكامل والمصير الواحد المشترك بين الأمتين العربية والتركية.