أ. د.عثمان بن صالح العامر
دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حكمه للمملكة العربية السعودية بإعلانه الصريح والواضح بأن هذه البلاد ملتزمة بالنهج الذي أرسى دعائمه الوالد المؤسس جلالة الملك عبد العزيز آل سعود، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وأعلا الملك سلمان - حفظه الله ورعاه - منذ اليوم الأول من قيم ومُثل رئيسة تفرضها طبيعة هذا الرجل الرمز وشخصيته ومنهجيته، وتمليها ظروف المرحلة ومعطياتها وتحدياتها وأحداثها الداخلية منها والخارجية، وعلى رأس هذه القيم وأولها قيمة «الحزم» التي ألزم أبو فهد نفسه بها وعرفت عنه منذ نعومة أظفاره وحتى تاريخه، بل ربّى أولاده والعاملين معه عليها ولا زال، ولا أدل على ذلك من اتسام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بها بشكل واضح بيّن لكل متأمل في شخصيته قارئ لقراراته، الأمر الذي جعل اسمه حاضراً بقوة في المحافل الدولية والمنتديات العالمية.
إننا في عهد الحزم بكل ما تحمله هذه اللفظة من معان ومعالم ودلالات، ومع أن عاصفة الحزم التي هبت من عاصمة العزم متجهة جنوب المملكة العربية السعودية نحو اليمن السعيد لتعيد له شرعيته وتجلب لأهله سعادتهم التي فقدوها على يد الحوثيين والصفويين الإيرانيين ذات طابع عسكري صرف ولها بعدها السياسي الإستراتيجي الذي لا يخفى، فإن الحزم مطلب قيادي عام في عصرنا الجديد، وأصحاب المعالي الوزراء قبل غيرهم مدعوون ومطالبون بالحزم في كثير من الأمور؛ فهو القيمة التي بها بعد عون الله وتوفيقه يتحقق ما يتطلع له المواطن وتنشده وتطالب به القيادة الحكيمة أدامها الله.
إننا رغم كل الظروف ومع كل التحديات نعيش ولله الحمد والمنة طفرة تنموية في جميع المجالات وعلى كل الأصعدة وفي مناطق المملكة الثلاث عشرة، ولضمان استمرار هذه التنمية ونجاحها في تلبية احتياجات المواطن والمقيم كان لابدّ من التأكيد هذه الأيام لأهمية الالتفات الحقيقي لها من قبل أصحاب المعالي شخصياً، ومعالجة ما قد يعترضها من عقبات ومعوقات خاصة المتعثر منها المتوقف، أو المتأخر في نسبة الإنجاز، أو تلك المشاريع التي ما زالت قيد الدراسة ولم تتم بعد ترسيتها لسبب أو لآخر.
لقد صدر في الأيام الأولى من عهد سلمان الخير - حفظه الله- الأمر الملكي الكريم القاضي بإلغاء عدد من أجهزة الدولة ما بين مجالس وهيئات ولجان عليا، والأمر بإنشاء مجلسين يجمعان مهام تلك الأجهزة - التي ألغيت - كلها، وحددت مهامها بمجلس للشئون السياسية والأمنية، وآخر للشئون الاقتصادية والتنمية منبثق ومرتبط مباشرة بمجلس الوزراء.
إن إنشاء مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية يعدّ نقلة نوعية في تاريخ الوطن الاقتصادي، وتأكيداً لاستمرار مسيرة التنمية والبناء التي انتهجتها المملكة العربية السعودية، ونص القرار في ديباجته الأساس على أن هذا التوجه يأتي (تأكيداً لاستمرار مسيرة التنمية والبناء التي انتهجتها المملكة العربية السعودية.
ولأهمية توحيد التوجهات التي ترتكز على الثوابت الشرعية والأصول النظامية المستقرة الرامية إلى تنفيذ السياسات والرؤى المنبثقة من الخطط المعتمدة. وسعياً منا إلى إيجاد نقلة نوعية على كل المستويات، أخذاً بمبدأ التحسين المستمر، بما يحقق جودة شاملة فيها. ورغبةً منا في ترتيب ما له صلة بالشؤون السياسية والأمنية وشؤون الاقتصاد والتنمية وما في حكمها، بما تقتضيه المصلحة العامة بالخير على البلاد والعباد. وحرصاً منا على رفع كفاءة الأداء ومستوى التنسيق تفادياً للازدواج وتحقيقاً للأهداف المرسومة بما يؤدي إلى تكامل الأدوار والمسؤوليات والاختصاصات، وبما يواكب التطورات والمتغيرات المتسارعة التي طرأت في مختلف المجالات). وأسندت رئاسته لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز الذي رسم منهجاً واضحاً لعمل المجلس منذ لحظة ميلاده، وأعطى درساً بيّناً الأيام القليلة الماضية لأصحاب المعالي الوزراء وكبار المسئولين القائمين على أمر التنمية والبناء في وطننا المعطاء في واجب المتابعة والمحاسبة الدقيقة حرصاً على الفاعلية الحقيقية ومن ثم الإنجاز، وهذا يعني أن الحزم ثم الحزم ثم الحزم هو على رأس أولويات القيم التي يجب أن يتسم بها قائد المرحلة هذه من أجل غد أفضل لأبناء وطننا المبارك المملكة العربية السعودية، دمتم بخير وتقبلوا جميعاً صادق الود والسلام.