أ. د.عثمان بن صالح العامر
«عاصفة الحزم» حدث مفصلي في تاريخ الأمة، تُجاوز هذه العاصفة المباركة الهدف الذي من أجله هبت لتصبح هي الحدث التاريخي الأهم الذي غير خارطة التفكير الإستراتيجي العالمي، وجعل قادة دول العالم يعيدون حساباتهم إزاء أحداث المنطقة بشكل جدي، خاصة بعد أن بدا لهم واضحاً ثقل المملكة العربية السعودية وقوتها وقدرتها على جمع الصف وتوحيد الكلمة والذود عن حياض الجار المستجير.
لقد ظن البعض أن الإمبراطورية الفارسية بدأت تلقي بظلالها على المنطقة بأكملها، وأن قوى الشر التي تغزل خيوط حبائل الكيد والعدوان قد اكتمل نسيجها، ولم يبق إلا أن تعلن سيطرتها التامة على مقدرات وخيرات وثروات وإنسان أرض اليمن تمهيداً لاكتمال سلسلة الغدر والخيانة، ولم يكن بد والحالة هذه من أن يستعين عبد ربه منصور هادي الرئيس المنتخب شرعياً والمعترف به دولياً بدول الخليج، خاصة المملكة العربية السعودية، لحماية وحدة اليمن واستقراره، يستند في هذا التحرك الدبلوماسي والعسكري إلى أساس الشرعية الدولية، والثقة المطلقة في أن المملكة العربية السعودية ملكاً وشعباً سيقفون معه وسينصرونه رداً للظلم وإحقاقاً للحق وطمعاً في سلامة إنسان هذا الجزء من بلادنا العربية واستقراره، وهم في هذا التحرك المدروس والمخطط له لم يخرجوا عما نص عليه ميثاق منظمة الأمم المتحدة من أن للدول ذات السيادة أن تقوم باتخاذ التدابير اللازمة للدفاع الطبيعي عن النفس في حالة وقوع عدوان عليها، «ويمكن للدول أن تقوم بالدفاع عن نفسها بمفردها أو بطلب من دولة أخرى أو دول أخرى» وفقا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
لقد وجد قرار خادم الحرمين الشريفين أدامه الله وحفظه ورعاه صدى عالمياً واسعاً وترحيباً دولياً رائعاً وأثراً إيجابياً مباركا ليس في نفوس السعوديين والخليجيين فحسب، بل لدى العرب والمسلمين الذين عبروا عن مشاعر العزة والكرامة والشكر والامتنان من خلال وسائل التواصل الاجتماعي في العالم الافتراضي أو عبر وسائل الإعلام المختلفة، ومن لم يستطع لا هذا ولا ذاك فكان منه الدعاء والشكر لقيادة بلادنا المباركة بعد شكر الله عز وجل على هذا الإنجاز التاريخي الفذ، والوقفة البطولية الفريدة في تاريخ الدول.
لقد تابعت مثل غيري مجريات الأحداث لحظة بلحظة، وحاولت قراءة ردود الفعل الرسمية والشعبية فكانت النتيجة التي خلصت لها أن العرب حكومات وشعوبا كانوا يشعرون بالوجع ويحسون الألم ويتمنون الفرج ويمنون أنفسهم بالغد القادم وهم في انتظار القائد الملهم الذي يخرجهم مما هم فيه من حال، وكان سلمان بن عبد العزيز بتوفيق الله له وعونه وتأييده ثم بحنكته ودرايته ودربته هو ذلك الرجل المنتظر الذي على يده سيكون بإذن الله الخروج بهذه الأمة من ربقة الضعف والتفكك والتشرذم والهوان، ومن ثم مواجهة المخططات العالمية التي قيل عنها إنها تسعى لتفكيك دول المنطقة في ظل ما تُعورف عليه «بالفوضى الخلاقة» وفي ذات الوقت إجهاض حلم الامتداد الفارسي/ الصفوي والمحافظة على شرعية قيادات المنطقة الخليجية، ووقوف الخليجيين ومن خلفهم العرب وكبريات الدول الإسلامية والعالمية في صف الحق ونصرة أهله.
ما أروع العزة وما أجمل صنائع المعروف وما أنبل مواقف الرجال الصناديد الذين يقرؤون المآلات مع إيمانهم بقضاء الله وقدره ويضغطون على الزناد متى ما كان الأمر يستوجب ذلك.
إن المرحلة التي نمر بها توجب علينا أخذ الحذر والحيطة والوقوف صفاً واحداً مع قيادتنا المباركة وعدم استعجال النتائج، وألا تصرفنا فرحة ما نحن فيه عن واجبنا إزاء حماية بيتنا الداخلي والتكاتف الحقيقي من أجل ضمان تحقق النصر الفعلي، وإعادة بلد اليمن لسعادته وسلامة أهله واستقرارهم بعد أن كادت ميلشيات الحوثيين - ومن يقف خلفهم - تفقده شرعيته وتجعله بؤرة دمار ومنطقة دم، يكون ذلك منا بعدم نشر الشائعة وأخذ توجيهات القيادة ممثلة في وزارة الداخلية مأخذ الجد والحذر من توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لما قد يلحق الضرر بتحركات جنودنا البواسل، سواء عن حسن نية أو من باب المحاكاة والتقليد للآخرين «رأيت الناس يفعلون ففعلت» فالمرحلة دقيقة والحال لا يخفى على ذي اللب، وليكن منا جميعاً الالتفاف حول قيادتنا والاستماع لما يقوله علماؤنا والوقوف مع قواتنا بالكلمة الطيبة والقصيدة المعبرة والشاكرة والمحفزة والداعمة والدعاء الصادق لدوحتنا المباركة بالتأييد والنصر والتمكين وتوحد الصف العربي وجمع الكلمة الخليجية وإعادة الأمن والاستقرار لأهلنا في اليمن السعيد بإذن الله ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.