تأليف: الأديب الأستاذ/ حمد بن عبدالله القاضي
قراءة:
حنان بنت عبدالعزيز آل سيف
- بنت الأعشى -
كتب أديبنا وأريبنا الأستاذ القدير حمد بن عبدالله القاضي -حفظه الله- كتاباً حلواً خلاباً جذاباً عن وزير الوزراء الراحل وعميدهم معالي الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر -عليه من الله شآبيب العفو والرحمة والغفران- ووسمه بالعنوان الجميل الآتي: (د. عبدالعزيز الخويطر وسم على أديم النزاهة والوطن) بل هو في الحقيقة وسم على أديم القاضي سموأل زمانه في حق شيخه وأستاذه عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر، علماً أن سمة الوفاء في القاضي سجية معروفة ولكنها مع الخويطر تأتي في ألمع صورة وأنصع بيان فلله درهما من الراثي والمرثى:
وإن صخراً لتأتم الهداة به
كأنه علم في رأسه نار
ولعل من أهم دوافع المؤلف -حفظه الله- في تأليفه هذا الكتاب القيم هو التذكير بقامة أدبية علمية اجتماعية سياسية خويطرية والأهم أن يكون مذكراً بالدعاء له -عليه رحمة الله- يقول المؤلف في حديث عذب رشيق ما نصه: (جاءت فكرة هذا الكتاب الذي استشرف أن يفي ببعض حق هذا الرجل الغالي، وفاء له وتذكيراً ببعض مآثره وسبباً من أسباب الدعاء له، أدرك وتدركون أن الراحل لو كان بيننا- رحمه الله- لرفض فكرة صدور هذا الكتاب عنه، فهو العازف عن الأضواء والمتفرغ للعطاء لكن بعد رحيله ها هو يصدر عنه من باب «اذكروا محاسن موتاكم» براً وحفزاً على الدعوات له).
رحم الله الخويطر، وأسكنه فسيح جناته، وعظيم جنانه، أليس هو القائل: (رغم أن الموت حق، وأنه مصير كل حي، وكل إنسان يؤمن بهذا، في كل زمان ومكان، لأن الموت حقيقة، ترى في كل فرد، وفي كل بيت، وفي كل جيل، ولا ينجو من الموت أحد، ولا يبقى إلا وجه ربك ذي الجلال والإكرام).
ويقول الرسول- صلى الله عليه وسلم- في حديث شريف ما نصه: (سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من علم علماً، أو أجرى نهراً، أو حفر بئراً أو غرس نخلاً أو بنى مسجداً أو ورث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته) وفي آية شريفة كريمة ساقها المؤلف -حفظه الله- تصديقاً لما عنَّ به الدكتور الخويطر -عليه رحمة الله وواسع غفرانه- قبل برهة من الوقت {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} صدق الله عز من قائل عظيم:
ما زلت تلهج بالتاريخ تكتبه
حتى رأيناك في التاريخ مكتوباً
والسؤال النبيه الذي يطرح نفسه على مبدع الكتاب -حفظه الله- سعادة الأديب الأستاذ حمد بن عبدالله القاضي -قضى الله له بعمر مديد، وعمل طويل رشيد- هو: ما سبب اختيار هذا العنوان الجميل المؤثر الوفي النزيه، وقد كان القاضي صاحب فراسة نادرة، حينما تفرس هذا السؤال في خواطر قراء كتابه، فقال: (اخترت تيمناً بكتابه «يعني كتابه الأجل وسم على أديم الزمن» أن يكون عنوان الكتاب «وسم على أديم النزاهة والوطن» وهو فعلاً ينطبق عليه، فقد كان وسماً على أديم النزاهة ووسماً على أديم الوطن، وستبقى مآثره وسلوكياته: وسماً على أديم الزمن) ثم يختم القاضي هذه الإضاءة بين يديّ الكتاب بقوله: (أسأل الله أن يرحمه كفاء ما قدم لدينه ووطنه وأبناء وطنه إدارة وإنجازاً وأدباً ونزاهة وأمانة وعطاءات أدبية وثقافية) رحم الله الخويطر، وأسكنه فراديس جنانه.
أنا البحر في أحشائه الدركامن
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
هو البحر بمده وجزره، وحده وحديده، والقاضي غواص ماهر يعرف من أين تؤكل الكتف. فكلاهما:
هو البحر من أين النواحي أتيته
فدرته الياقوت والجود ساحله
وأما السلسبيل السلس المتضمن الشكل الهندسي للكتاب -إن صحت العبارة- فهو على النسق التالي:
الباب الأول: مفاتيح شخصية الراحل، الباب الثاني: حوار نادر مع الراحل، الباب الثالث: آثاره الفكرية، الباب الرابع: رسائل ومقالات بخط يده، الباب الخامس: الراحل في صور، الباب السادس: الراحل بأقلام المحبين، وهذا الباب جاءت فيه أقلام الأوفياء من محبي الخويطر ومريديه برثاء صادق خالص نادر، يكشف عن مكانته في القلوب، ومحبته في الخواطر، ذلك لأن معالي الدكتور الخويطر عمله من الصعب بمكان أن تتكرر، وقد جمع الله بين شتات فنون، ومتعددات علوم، وليس على الله يمستنكر أن يجمع العالم في واحد، قضى تسعين عاماً، ألف فيها ستة وتسعين كتاباً غفر الله له وجعلها في موازين أعماله، خط الخويطر جميل، وعلمه أجمل، وذكاؤه وقوة الذاكرة عنده أبرع، وكثيراً عندما كنت أحرر قراءاتي لكتابه الضخم (وسم على أديم الزمن) ما تمر بي مواضع جميلة، وقسمات فنية يكتبها من وحي الخاطر، ومحبرة الذاكرة، والذاكرة القوية من سمات الخويطر وهي عجيبة جداً بل هي قاطبة من شيم نبوغه (وسم على أديم الزمن) أعجب له أفذاذ كباره أمثال معالي الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي -رحمه الله- وأورد مصنف الكتاب في ناصية الكتاب عبارة جد جميلة فحواها إعجاب القصيبي بسيرة الخويطر الذاتية (وسم على أديم الزمن) وكان يقول له كما حدثنا القاضي -حفظه الله- ما نصه: (كان صديقه د. غازي القصيبي -رحمهما الله جميعا- معجباً به، وكم مرة قال لي الراحل: إن د. غازي القصيبي كان معجباً به ولو ألفت كتاباً عن سيرة حياتي كاملة لاستعرته منك -يقول غازي- بلطف أنت الأصل وأنا التقليد).
إذا قالت حذام فصدقوها
فإن القول ما قالت حذام
حفظ الله الراثي، ورحم المرثى، وقد قطع القاضي بكتابه هذا قول كل خطيب.
عنوان المراسلة:
ص ب 54753 - الرياض 11524