بيروت - منير الحافي:
في خضم العملية العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية ضد المتمردين الحوثيين، يجمع المحللون العسكريون على أن ما بعد «عاصفة الحزم» ليس كما قبلها، سواء فيما يتعلق باليمن أو بالمنطقة ككل. في هذا الإطار يقول المحلل الاستراتيجي اللواء المتقاعد عدنان مرعب لجريدة «الجزيرة»: إن «الحوثيين ومن وراءهم لا يفهمون لغة الحوار بل يعتقدون أن القوة هي التي ستفرض أمرا واقعا ستعترف به المملكة» وهذا ما لم يحصل. وأكد اللواء مرعب، وهو الأمين العام للسابق للمجلس الأعلى للدفاع في لبنان، أن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لن تتراجع أمام التهديدات الإيرانية وهي ستحفظ كرامة العرب بالتعاون مع دول الخليج ومصر والسودان والمغرب وبتأييد إقليمي ودولي وفيما يلي حوار «الجزيرة « مع اللواء مرعب.
ماذا يعني التدخل السعودي الآن لمساعدة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بناء لطلب الشرعية اليمنية؟ هناك من وصفها بالصحوة العربية، وهناك من قال: إن السعودية كان لا بد أن تتدخل كما فعلت في البحرين وكان لا يمكنها الوقوف موقف المتفرج؟
- إن التدخل السعودي من خلال عملية «عاصفة الحزم» ضمن تحالف عربي من عشر دول، جاء بناء لطلب الشرعية اليمنية وبعد فشل كل محاولات دول مجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة لحل الموضوع من خلال الحوار, لأن الحوثيين ومن وراءهم لا يفهمون لغة الحوار بل يعتقدون أن القوة هي التي ستفرض أمرا واقعا ستعترف به المملكة, لكن فاتهم أن الإطاحة بالشرعية اليمنية ووصول الهيمنة الإيرانية إلى البحر الأحمر وباب المندب لا يمكن للمملكة أن توافق عليه أو تقف موقف المتفرج لأنها تصبح محاصرة من النفوذ الإيراني الذي سيفرض هيمنة أيضا على باب المندب، وهذا لا يمكن السكوت عنه لأنه يمس الأمن القومي السعودي والخليجي والمصري, لذلك أنا أعتبر هذه العملية بداية للصحوة العربية.
«عاصفة الحزم» ما هي برأيكم أهدافها العسكرية والاستراتيجية؟
- إن «عاصفة الحزم» هي عملية ضرورية في هذا الوقت لوقف التمدد الإيراني على حساب الدول العربية وأهم أهدافها العسكرية (وقف الزحف الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح باتجاه عدن وتجنب سقوطها في يد الحوثيين وتدمير مراكز القيادة والسيطرة والاتصالات ووسائل الدفاع الجوي وشل سلاح الطيران وتدمير مخازن الأسلحة والذخيرة والتموين وضرب التجمعات العسكرية وخطوط الإمداد.
كذلك القيام بعمليات خاصة واستخباراتية لبلبلة صفوف الحوثيين ورفع معنويات الشعب اليمني للمساهمة في إعادة الشرعية وحصار بحري لوقف وصول الإمدادات إلى الحوثيين إضافة إلى فرض سيطرة جوية لقوات التحالف العربي لتسهيل عملية (عاصفة الحزم).
أما الأهداف الإستراتيجية فتتمثل بعدم السماح بسقوط الممرات البحرية تحت سيطرة الحوثيين وعدم السماح لإيران بفرض سيطرتها على اليمن وحصار السعودية من قبل العراق واليمن والممرات المائية كذلك وقف التمدد الإيراني الذي وصل إلى البحر المتوسط من خلال سيطرته على العراق و سوريا ولبنان وإرسال رسالة إلى إيران أن الدول العربية لن تسكت بعد الآن على تمدد إيران وأن المواجهة الآن أصبحت فعلية وليست ديبلوماسية.
المعلن للآن وقوف دول الخليج – ما عدا عُمان –وبعض الدول الأخرى الى جانب المملكة في ضربات جوية ضد مواقع المتمردين الحوثيين وقوات علي عبدالله صالح. السؤال البديهي: هل الضربات الجوية ستكون كافية، أم أن التدخل البري مطلوب في مرحلة لاحقة؟
- إن عملية «عاصفة الحزم» تقف وراءها المملكة العربية السعودية وتقودها مع دول الخليج ومصر والمغرب والسودان وبتأييد من الولايات المتحدة وتركيا وباكستان وجامعة الدول العربية وهي عملية تحظى بتأييد الشعوب العربية في وجه الهجمة الإيرانية الفارسية. أما بخصوص الضربات الجوية فهي مهمة جداً في المرحلة الأولى لأنها تهيئ الأرض للشعب اليمني وللشرعية بتنظيم قواها لمواجهة المتمردين الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع صالح. أما موضوع التدخل البري فهو لن يكون مطلوبا إلا في حال الضرورة أو تطور الموقف العسكري.
هل تتوقعون أن يصمد الحوثيون؟ أم أن الضربات ستكشف أنهم متضعضعون؟
- إن الحوثيين لديهم قدرة قتالية ومتآلفون مع الضربات الجوية في مناطقهم في «صعدة» ولكن انتشارهم الحالي في أرجاء اليمن سيزيد من فعالية الضربات الجوية، خاصة وأن السيطرة الجوية كاملة لطيران التحالف العربي، وهنا يجب تكثيف العمل المخابراتي والاستعلامي لتكون الضربات موجعة وفعالة وتساعد الشرعية اليمنية بالعمل الفعلي العسكري على الأرض.
ما رأيكم بالموقف الإيراني الذي»استنكر» التدخل العربي وقال بروجردي: «إن دخان الحرب اليمنية سيصل الى عيون السعودية». هل يمكن لايران ان تتدخل بقوات عسكرية مثلاً لمساندة ميليشيات الحوثي؟
- إن الموقف الإيراني استنكر التدخل العربي في اليمن ونسي أنه تدخل في العراق و سوريا علنا وهذا واضح للجميع من خلال وجود قادة عسكريين في هذه الدول يديرون المعارك مع الحرس الثوري الإيراني ويشيعون قتلاهم علنا في إيران.
لذلك يجب ألا يؤثر هذا التهديد على سير العمليات العسكرية, فالدول العربية تدافع عن مصالحها بينما إيران تتدخل في شؤون الدول العربية دون وجه حق. وأنا متفائل بأن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لن تتراجع أمام التهديدات الإيرانية وهي ستحفظ كرامة العرب بالتعاون مع دول الخليج ومصر والسودان والمغرب وبتأييد إقليمي ودولي.
اليمن منطقة حساسة من حيث الملاحة العالمية. هل برأيكم ستتأثر هذه الحركة؟ وماذا سيكون الرد العالمي في حال عملت ايران مثلاً على عرقلتها؟
- اليمن منطقة حساسة وإستراتيجية لكونها تتحكم بباب المندب وهي موجودة على البحر الأحمر لذلك لا يمكن أن تتأثر الملاحة في هذه المنطقة لأنها ليست من الأمن العربي القومي فحسب، بل هي تؤثر على ممر مائي عالمي ولن تسمح الدول الكبرى لإيران بعرقلة هذه الملاحة، وأنا أعتقد أن إيران تعرف حدود اللعبة الدولية وتعرف تأثير العقوبات الدولية ولن تغامر في أي عمل طائش خاصة وأنها تسعى حاليا لرفع العقوبات الدولية المفروضة عليها من خلال الموافقة على الملف النووي.
هل يمكن لتجربة اليمن من حيث التدخل العربي أن تتكرر في أماكن اخرى في العراق أو ليبيا وغيرهما؟
- إن الموقع الجغرافي يؤثر على عملية التدخل بشكل أساسي, فاليمن يقع بالقرب من المملكة العربية السعودية ولديهما حدود مشتركة كذلك وجود اليمن على البحر الأحمر, كل ذلك يسهل عملية التدخل العربي ويصعب عملية التدخل الإيراني.
سوريا ليس لها حدود مشتركة مع السعودية أو مصر ولكن لديها حدود مع العراق الخاضع لإيران, ولبنان (من خلال حزب الله) و تركيا وهي بلد غير عربي. تبقى حدودها مع الأردن الذي يمكن أن تتم المساعدة من خلاله. من هنا يتضح التواصل الجغرافي بين سوريا و إيران من خلال العراق وحزب الله اللبناني مما يسهل التدخل الإيراني ويصعب التدخل العربي في سوريا. ولكن عملية «عاصفة الحزم» ترفع معنويات المعارضة السورية ويمكن التدخل من خلال الأردن لفرض معادلة تؤدي للوصول إلى تسوية عادلة في سوريا لا يكون لبشار الأسد أي دور فيها. وهنا تبرز أهمية الدور السعودي في قيادة تحالف عربي يعيد للأمة العربية دورها الإقليمي وإعادتها إلى الساحة الدولية.
أما العراق فأعتقد أن إيران تسيطر عليه، ويمكن العمل عليه على المدى البعيد لعودته إلى حضن الدول العربية وذلك بالعمل مع الشعب العراقي بكافة أطيافه لإعادة بلده إلى دوره الرائد في الأمة العربية.