جاسر عبد العزيز الجاسر
لا يزال الباحثون ومراكز الدراسات الإستراتيجية والسياسية يدرسون النتائج الأولية لعاصفة الحزم، والتي غَيَّرتْ كثيراً مما كان يُروَّج له في وسائل إعلام معينة، ومن بينها وسائل إعلام غربية تخلت عن مهنيتها واعتمدت على مصادر منحازة لطرف معين في المنطقة. فلقد تأكد الباحثون ومراكز الدراسات سواء في واشنطن والعواصم الغربية وحتى في موسكو والصين وطوكيو، بأن مقولة تفوق إيران عسكرياً وأن أذرعتها العسكرية من خلال المليشيات العميلة قادرة على فرض هيمنتها وسيطرتها على المنطقة العربية مقولة خاطئة.. فمنذ اليوم الأول لعاصفة الحزم تأكد سقوط هذا الاعتقاد، بعد أن استطاعت المملكة العربية السعودية من خلال قيادتها لتحالف عربي يمثل ثلث القوة العربية من إسقاط الغطرسة الفارسية وتدمير واحدة من أهم المليشيات العميلة لإيران والمتحالفة مع قوات الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.
وعاصفة الحزم رغم أنها موجهة لدعم الشرعية في اليمن وتمكين الشعب اليمني من حكم نفسه بنفسه دون أن يخضع لقرار أقلية ربطت نفسها بقوى خارجية لا تريد الخير لوطنها وأمتها، إلا أنه ومع الالتزام بهذا الهدف من قبل المملكة العربية السعودية والدول التسع المتحالفة معها، فإن ارتدادات عاصفة الحزم لابد وأن تحرك الأوضاع في المنطقة، وتخلق متغيرات جديدة تُفرَضُ على الواقع. فعملية عاصفة الحزم قد أوضحت أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج لم تعد مستعدة أكثر من ذي قبل لممارسة سياسة الصبر وضبط النفس اتجاه تجاوزات إيران وعملائها، وأنه إذا كانت هناك مساحة من الصبر فإنه لا يمكن السكوت على التجاهل وعدم الفهم من قبل هؤلاء الذين يملؤون الفضاء ضجيجاً وصراخاً بقوتهم، وهم دون مستوى قوة السعودية وما يمكن أن تحشده وما تفعله بثقلها السياسي ودورها الدولي والإسلامي والإقليمي وقدراتها العسكرية. ولهذا، فإن المملكة العربية السعودية استطاعت أن تقنع القادة العرب الذين اجتمعوا في شرم الشيخ بصواب تصرفها وتحركها الهادف إلى الدفاع عن الكرامة العربية والأمن العربي القومي، إضافة إلى دعم الشرعية في اليمن وتحصين أمن المملكة العربية السعودية.
والقادة العرب الذين اجتمعوا في شرم الشيخ واستمعوا إلى كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس اليمن الشرعي عبد ربه منصور هادي، وجدوا في أقوال المليك والفعل السعودي إعادة للهيبة العربية وبث الأمل في نفوسهم بقرب تحرير القرار العربي الرسمي ليتوافق مع الرغبة الشعبية العربية في بعض البلدان العربية التي يفرض عملاء إيران سيطرتهم عليها ويسلبون القرار العربي الحر. ولعل هذا ما أقلق عملاء إيران في لبنان والعراق وسوريا، فأثاروا عاصفة من الكراهية بدأها المدعو حسن نصر الله، إلا أن العرب جميعاً لا يرون في حملة الكراهية والكذب ما يستحق الرد عليه، وقابلوا كل ذلك بالإهمال والتجاهل، لأن هذه الحملة تولدت من القلق والخوف والإحباط والتوتر من أن يأتي الدور للتخلص منهم ومن نظام ملالي طهران.