جاسر عبد العزيز الجاسر
استبشر العراقيون والعرب بقدرة العراقيين (القوات العسكرية والمجاميع الشعبية التي ضمت خليطاً من العشائر العربية والحشد الشعبي والبشمركة) تحرير مساحات كبيرة من الأراضي العربية التي استولى عليها تنظيم داعش الإرهابي في المحافظات العراقية الشمالية الغربية، إلا أن الغصة أصابت العديد من العراقيين والعرب وبالذات العرب السنة، بعد تعرض أهالي المناطق العربية المحررة إلى عمليات تمييز وإرهاب واعتداءات، وبالذات من عناصر الحشد الشعبي ومن قوات البشمركة، فقد منعت العديد من العائلات العربية السنية من العودة إلى مناطقها ومدنها التي تم تخليصها من قبضة الداعشيين، بحجة تعاونهم مع داعش، وهو ما حصل في قضاء المقدادية في محافظة ديالى، إذ لم يعد من أهالي قرى المقدادية سوى عشر قرى من مجموع 40 قرية، وفي قضاء العظيم الذي حرر منذ أكثر من سبعة أشهر لم يعد سكانه إلى منازلهم حتى الآن، وهناك العديد من مذكرات اعتقال بحق سكان القضاء، أما قضاء جلولاء في محافظة ديالى -وهو من المناطق المتنازع عليها بين العرب والأكراد- تمنع البشمركة المواطنين العرب من العودة إلى مناطقهم، وقطعت البشمركة الكهرباء عن ناحية السعدية بحجة وجود عبوات ناسفة تمنع تشغيل الكابلات. وهناك تفاهم بين القوات الكردية وعناصر الحشد الشعبي المكون من المليشيات الشيعية لمنع العوائل العربية في العودة إلى ديالى وحرق الصخر وحزام بغداد التي كانت مناطق يقطنها العرب السنة.
هذه الإجراءات التي تكشف عن سلوك عنصري ومذهبي مشترك من قبل البشمركة والحشد الشعبي لفرض تغيير ديمغراقي على المناطق العربية السنية، تتمثل في إبعاد ومنع بل وحتى احتجاز العرب السنة بزعم تعاونهم مع تنظيم داعش، وقد قامت عناصر من الحشد الشعبي المكون من المليشيات الشيعية باحتاجز العديد من العوائل في قضاء الدور بينهم عدد من النسوة بحجة التحقيق معهم بتهمة التعاون مع داعش، وتمارس مليشيات الحشد الشعبي شتى أصناف القمع والاضطهاد وصل إلى حد ارتكاب عمليات تعذيب وقتل وخطف للعرب السنة في المناطق التي تم تخليصها من داعش وبالذات في حزام بغداد وحول سامراء وبيجي والدور وضواحي مدينة تكريت.
هذه الأفعال من قبل العنصريين والطائفيين المرتكبة ضد العرب السنة بدأت تدق ناقوس الخطر في المناطق العربية السنية، إذ أخذ التذمر يتصاعد خاصة في المناطق العربية السنية في بلد والدور والإسحاقي والمجمع السكني والعلم والمعتصم والضلوعية، وبدأ السكان يفصحون عن سوء معاملة عناصر الحشد الشعبي وأنهم لا يقلون عنفاً وإيذاء من تنظيم داعش بل يفوقونهم إيذاء لإجبار العرب السنة على ترك مناطقهم لإحلالها من قبل القادمين من الجنوب إمعاناً في فرض التغيير الدمغرافي المذهبي.