جاسر عبد العزيز الجاسر
قرابة الأربع سنوات قضاها العرب في العديد من الدول العربية في قلق وسط فوضى سياسية وأمنية عارمة، خدعوا فيها جميعاً بإطلاق مسمى (الربيع العربي) التي كشفت عن العديد من العورات في البنيان العربي ليس الأمني فقط، بل تجاوز ذلك إلى التماسك السياسي والاجتماعي، وسمح بظهور العديد من الطحالب السياسية التي أبرمت العديد من التفاهمات والاتفاقيات مع جماعات ما يسمى الإسلام السياسي، هذه الجماعات التي شوهت الدين الإسلامي بالانخراط في المناورات السياسية التي عادة ما تسلك مرونة وتجاوزات لا يمكن أن يقدم عليها المؤمنون والدعاة الذين لا يمكن أن يخرجوا عن أسس الشريعة الإسلامية، وتلقف جماعات الإسلام السياسي من كل المذاهب الفرص التي وفرتها مرحلة فوضى ما سمي الربيع العربي، وبعضها أعطى لحزبه حصرية التحدث باسم الإسلام رغم بعده عن تعاليم الإسلام، فالأحزاب الإيرانية في لبنان والعراق واليمن تقرن اسمها بـ(الله) والله بريء منهم ومن أفعالهم التي تؤكد بعدهم عن تعاليم الله، فما يسمى حزب الله بلبنان ما هو إلا حزب لإيران، وكذلك حزب أنصار الله في اليمن، وأنصار الحق في العراق، وسلسلة (حزب الله) في العراق والبحرين، فهذه الأحزاب دكاكين سياسية لعملاء إيران، وهو ما يؤكده حسن نصر الله نفسه في خطبه واعتزازه بالولاء لمرشده الإيراني علي خامنئي، وهو ما يشاركه فيه عبد الملك الحوثي، وقيس الخزاعي في العراق.
ولقد سعى نظام الملالي في طهران إلى استثمار فوضى الربيع العربي وردد عدد من الملالي بأن ما يجري في بعض الدول العربية هو استلهام لثورة خميني، وفعلاً ركبت الجماعات التي تأخذ توجيهاتها من طهران وكادت تعصف بالدول العربية من خلال تضاعف الاستغلال الإيراني الذي تجاوز ما كان يسمى (الهلال الشيعي) ووصلت نذر العمالة إلى مصر والمغرب وتونس وليبيا، إلى أن دقت أبواب اليمن مهددةً بالاستيلاء على البوابة الجنوبية بعد ابتلاع البوابة الشرقية بفرض نفوذه على العراق وتسلل إلى سوريا ولبنان.
هذا ما جناه العرب من فوضى الربيع العربي التي وصلت منتهاها بعد شن عملية عاصفة الحزم التي يرى فيها المحللون السياسيون والإستراتيجية وهم على حق، من أنها بداية مرحلة إصلاح ما خرب في فترة فوضى الربيع العربي، ومع أن عاصفة الحزم استهدفت وقف التخريب والعمالة في اليمن ومواجهة نظام ملالي إيران وعملائهم في اليمن، إلا أن الخبراء يؤكدون أن عاصفة الحزم أطلقت الهمم العربية وأن الغضب العربي سيمتد باتجاه عملاء إيران في سوريا ولبنان والعراق والخلايا العميلة في البحرين وغيرها من دول الخليج العربي، إِذْ يؤكد هؤلاء الخبراء والمحللون السياسيون أن الربيع العربي الحقيقي قد بدأ فعلاً مع عاصفة الحزم.