حسين أبو السباع
لن تستمر عاصفة الحزم طويلاً في اليمن بسبب قطع كل سبل الإمدادات الإيرانية عن الحوثيين، ولن تتوقف عند حدود دحرهم، إنما هي نقطة بدايتها نحو إعلان الدول العربية أمة واحدة، للقضاء على الإرهاب الذي يلاحقها من جهات معلومة ومجهولة، داخلية وخارجية، طال صمت العرب على الطموح الإيراني التوسعي في المنطقة العربية، بدءًا من إعمالها الخراب في العراق، ووصولاً إلى التهديد المباشر للمصالح العالمية بمحاولة دعمها الحوثيين في حلم السيطرة على مضيق باب المندب، وكان من الأحلام التي تمَّ الترويج لها من أرض العراق أن المعركة دينية صراع إسلاموي «سني - شيعي»، إنما الحقيقة أن الصراع الحقيقي صراع استعماري عملت عليه إيران منذ أكثر من عقد كامل، محاولة بسط نفوذها على العراق، ومنه يكون المد إلى سوريا ودعم الرئيس السوري بشار الأسد في معركته ضد قوى المعارضة.
لن أتحدث عن صراع «سني - شيعي»، بل حديثي عن معركة الحزم التي كان لا بد لها أن تكون، لوقف هذا الطموح الإيراني الفاجر في المنطقة العربية، وما زاد شراستها في إعلان هذا الهجوم التوسعي انخفاض سعر النفط إلى أكثر من نصف سعره، في ظل الحصار على إيران، فقد فقدت نصف وارداتها من بيع النفط جرَّاء هذا الانخفاض، فكان منها أن حاولت تهديد دول الخليج عبر دعمها الحوثيين في اليمن الذي لم يصبح سعيدًا بسبب الفساد الذي انتهجه الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح على مدى عقود من الزمن، ومحاولة إيران جعله أرض صراع بينها وبين دول الخليج، لكن خابت كل هذه المساعي الفاشلة أمام صحوة عربية كبيرة تزعَّمها قادة الدول العربية، وتم الإعلان الجريء عن تكوين قوة عربية لدحر الإرهاب عن المنطقة العربية الذي اخترعه أعداء الأمة العربية «المحتل القديم» ليشغلها بمشاكلها عن حركة التقدم العالمي في شتى المجالات، ولتكون صورة الصراع دينية إسلامية «سني - شيعي».
لعبة الثنائيات التي حاول المحتل زرعها في الأراضي العربية باتت مفضوحة، والعمل الجاد الآن لعاصفة الحزم هو خير دليل على الصحوة العربية التي لن تتوقف محطات دحر الإرهاب عن أراضيها.
الحال السياسية التي تواجهها الدول العربية الآن شديدة التعقيد، والوقت الآن مُواتٍ تمامًا لدحر كل من أراد بها السوء، والاتحاد العربي - العربي صار ضرورة مُلحة في هذا التوقيت الحرج بالذات، ولن تتوقف محطات عاصفة الحزم بعد اليمن، فهناك محطات أخرى كثيرة تنتظرها، وأتصور أن ليبيا ستكون المحطة التي تلي اليمن، ومن بعدها العراق، وفي الأخير سوريا، أرض الصراع الاستخباراتي بين عدد من الدول لاستعراض القوى بين هذه الدول، والتي حال إنهاء الصراع في المنطقة العربية كلها، بمنطق إظهار القوة لإحداث التوازن، ساعتها سيكون إنهاء الصراع السوري.
ولن أقول إن ما بين طرفة عين وانتباهتها ستزول داعش، أو سيزول الحوثيون أو القاعدة أو كل الجبهات الإسلاموية التي أساءت للإسلام، إنما الحرب الإيديولوجية مستمرة، وعلى الكل مواجهتها بكل ما أُوتي من قوة أمام الإرهاب الذي لو تمكَّن، ولن يتمكن، فلن يكون لنا مكانٌ على هذه الأرض.