جاسر عبد العزيز الجاسر
لم يعد السكوت ممكنًا، كما لم يعد إخفاء تواطؤ وجبن واستسلام دول وحكومات وأحزاب عربية لما تقوم به إيران من تخريب شامل في العديد من الدول العربية، تخريب يتجاوز مخاطر شن الحروب وخوض المعارك إلى زرع الفتن وتوطين الأحقاد بين أبناء الوطن الواحد، وفق أساليب تجاوزت كل ما فعله الإسرائيليون في فلسطين منذ احتلالهم في مطلع عام 1948 لهذا الوطن العربي.
فالإسرائيليون محتلون وأعداء للدين وكل ما فعلوه مفهوم كوننا كعرب ومسلمين نصنفهم كأعداء تاريخيين وعقديين خضنا معهم معارك دينية وقومية، وما بيننا نتيجة لصراع ديني طويل الأمد، ولهذا فإننا كعرب ومسلمين بالرغم من القناعة والفهم الذي يسود كثيرًا من العرب ومنهم نسبة كبيرة من معتنقي المذهب الاثني عشري، إلا الذين ينحدرون من أصل فارسي وإن كان القلة منهم يوجهون النصح لحكام طهران بعدم التمادي في التخريب، الذي يرتكبونه في المناطق العربية، ومنهم علي السيستاني كبير حوزة النجف، إلا أن ملالي إيران يتمادون في صنع المكائد وتدبير المؤامرات ومع هذا يزعمون أنهم أشقاء للعرب ومسلمون يسعون لصالح أشقائهم.
فقد تعددت مكائد وتخريب «الأشقاء في طهران» من احتلال ونشر الفتن وتشكيل المليشيات الطائفية لقتل المسلمين من الطوائف الأخرى وبالذات أهل السنة في لبنان والعراق وسوريا واليمن.
آخر مكائد ملالي إيران السعي لتشكيل مليشيا قتالية خاصة بدروز سوريا، فقد لا يمكن أن نثق في الإسرائيليين ولا يمكن أن نعيش معهم بسلام بالرغم من كل ما يتم من اتفاقيات وتفاهمات، وأن فرض الإسرائيليون واقعهم حتى الآن، إلا أننا نؤمن إيمانًا كاملاً بأن الحقوق الإسلامية والعربية في فلسطين لا بد أن تعود ومن يشكك في ذلك عليه أن يقرأ بإيمان وتفهم سورة الإسراء في القرآن الكريم.
أما ما بيننا وبين من يحكم إيران من ملالي طهران الذين يعودون إلى مكون واحد من الإيرانيين، وهم الفرس الذين يعتنقون المذهب الاثني عشري، الذي حوروه على الطريقة الفارسية، ويخطئ كل من يعتقد أن هناك تطابقا ما بين المذهب الذي يأخذ به شيعة العرب، والمذهب الذي تريد «الآيات الفارسية» فرضه على مقلديهم من الفرس وغيرهم.
حملت الأنباء الواردة من سوريا بأن الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني يقومان بتدريب مليشيات درزية على غرار المليشيات الشيعية في سوريا ولبنان، وقد أطلق الإيرانيون على هذه المليشيات اسم «لبيك يا سلمان» نسبة للصحابي سلمان الفارسي الذي يحظى بمكانة خاصة لدى الدروز.
وهكذا ينشر الإيرانيون فتنهم من اليمن «الحوثيين» ولبنان «حزب الله» والعراق «منظمة بدر» و»أنصار الحق»، و»حزب الله العراقي»، وعشرات المليشيات الشيعية، والمليشيات الطائفية في سوريا من شبيحة وعصابات مغلقة على العلويين، والآن إطلاق وتأسيس مليشيات درزية سيتبعها ميلشيات أخرى لمكونات طائفية أخرى. فهذا ديدن الإيرانيين الذين اعتمدوا نشر الفتن وتدريب الإرهابيين ونشرهم في الدول العربية، ومع ذلك لا أحد يتصدى لإيران التي ابتليت بحكم هؤلاء العنصريين وغلاة الطائفيين، والأدهى من كل هذا يروج الغربيون لدور إقليمي مميز لحكام طهران العنصري لشرعنة أعمالهم العدائية والموجهة حصرًا للعرب.