عمر إبراهيم الرشيد
من المعلوم أن النفس البشرية مطبوعة على الانفلات ان لم يكبح جموحها نظام، وعلى طلب الخير للنفس أو الأنانية، يتفاوت البشر في هذا حسب أخلاقهم ومستوى تفكيرهم. والضبط من بين ماهدفت له الشرائع وما استمد منها من تنظيمات أو سنته مجتمعات سواء كانت على تأسيس ديني أو علمانية.
لعلنا إذا تأملنا واقعنا في السلوك المروري تتجلى لنا هذه الحقائق وغيرها مما له صلة بمسألة الانضباط، فالسلوك المروري الوحشي ان صح الوصف من قبل فئة في مجتمعنا وبعض المقيمين تظهر ضعف التطبيق الصارم للقانون المروري رغم وجود هذا القانون في نظام المرور. وكما ذكرت هنا من قبل أن السبب وراء هذا الضعف في التطبيق هو ضعف تواجد رجال المرور الميداني ولن أصدع رؤوس القراء الأكارم بالتفاصيل اذ يمكن لمن أراد الرجوع إلى مقالات سابقة لي في هذا الخصوص وفي هذه الصحيفة.
نظام ساهر في مجمله أداة للجم سعار بعض السائقين ممن يرون أن الطريق ملك لهم دون الآخرين والتقليل من نسبة الحوادث، هذا هو غرضه المفترض، انما يشوب نظامه علل يحسن تقويمها ان كنا نريد أن نعيد إلى طرقنا وشوارعنا شيئا من عقلها وهدوئها وانسانيتها، ولعلي هنا أعيد الاشارة إلى التفاؤل والأمل الذي يشعر به المجتمع بأن يعالج مجلس الشئون السياسية والأمنية ملف المرور بأكمله ضمن مايقره من تنظيمات وخطوات شاملة للأمن الوطني ككل وضمن هذا الملف نظام ساهر، فلعله حان الأوان لمراجعة نظامه وآليات عمله.
الهلال الأحمر كمنشأة تقدم الغوث وتهب لنجدة المصابين والمرضى تستحق الدعم والمساندة لأداء رسالتها الانسانية النبيلة لكل من يسكن هذا الوطن المعطاء. وهنا، ألا تستحق هذه المنشأة الانسانية نسبة من مداخيل ساهر الضخمة لتعزيز انتشارها وعملها فتنشىء مراكز اسعافية مجهزة تجهيزا طبيا فعالا بشريا ولوجستيا وذلك على الطرق السريعة بين المدن مع طائرات اسعاف في كل طريق يربط بين مدينتين. وليس من المعقول أن يظل الاسعاف معتمدا في معظمه على السيارات مع العلم ان الاسعاف الطائر بدأ ولله الحمد يمارس عمله، انما بلد شاسع كالمملكة لايكفيه بضع طائرات اسعاف بالكاد تغطي بعض المدن. وانما أشدد هنا على الطرق السريعة لحاجتها المتعاظمة على مر عقود إلى مراكز اسعاف وطائرات تنقل مصابي الحوادث التي هي السبب الأول في الوفيات في المملكة وجعلتها تحتل المركز الثاني بعد جنوب أفريقيا في نسبة الحوادث أو أنها تخطتها. قلت إن نظام ساهر بحاجة إلى تعديل في نظامه وآليته ومن بينها توظيف جزء من دخله الذي يخص الدولة على اعتبار أن الشركة المشغلة تتحصل على الباقي، توظيف هذا الجزء في دعم وتطوير وزيادة انتشار مقرات الهلال الأحمر على الطرق السريعة، مع إلزام الشركة المشغلة لنظام ساهر بالمساهمة في هذا المشروع كجزء من مسئوليتها الاجتماعية نظير ما تحصل عليه من مبالغ طائلة كغرامات مخالفات القيادة.
أما العلل الأخرى التي تعتري ساهر فلعله من الجدير التذكير بها هنا وهي انعدام التوزيع ( العادل ) للكاميرات في الطرق والشوارع مع انعدام التنبيه على وجودها، حتى لايكون الغرض منها الاصطياد بدل ضبط السلوك والجباية بدل الردع، إضافة إلى ضعف تواجد الكاميرات في المدن الأصغر، وعدم توسيع مجال رصدها لتشمل مخالفات عدم ربط حزام الأمان وحتى إلقاء المخلفات في الطريق وغيرها من مظاهر العبث المروري الاخرى. اليوم ونحن نعيش هذه الأجواء الوطنية والقلوب تتوجه إلى والي الأقدار بأن يحمي حمى هذا الوطن ويعيد لأوطان العرب والمسلمين استقرارها ونماءها، تحت قيادة رشيدة. وقوة هذا الوطن الغالي كل لايتجزأ، قوتها في دينها وسلاحها كما هي في تعليمها وصحتها ورياضتها وأمنها الداخلي ومنه أمن شوارعها وميادينها من إرهاب المرور.. حفظ الله هذا الوطن ورعاكم بعينه.