عبدالعزيز السماري
كان لابد من الحزم فيما يجري على أرض اليمن، فالأمر تجاوز أمر الصراع على السلطة، وتجاوز الحرب الأهلية، بعد أن اتضحت النوايا لتطويق المملكة ومنطقة الخليج العربي تحت شعارات الموت لإسرائيل ولأمريكا، فاللكنة الإيرانية كان واضحة في لهجة الإعلام الحوثي، وكانت كل الدلائل تشير إلى الرغبة في تأسيس دويلة مصغرة على غرار حزب الله في لبنان، لها أيدولوجيتها وجيشها الخاص، مما يهدد الأمن الوطني، ويفتح الطريق أمام إيران للوصول إلى باب المندب، فكانت الحرب هي الخيار الأوحد.
في اليمن تمرد خطير على الأمن العربي في الجزيرة العربية، وقد يظهر «الحوثي» المتشيع السياسي في الصورة الإعلامية الكبرى. لكن يقف خلفها دوافع انتقامية من حرس النظام القديم، وعلى وجه الخصوص ضد المبادرة الخليجية، وتتمثل في الرئيس المخلوع، والذي كان لفترة يجيد الاختباء خلف الحوثيين، لكن التسهيلات التي قدمها لهم، ثم خروجه الأخير في مسرح الأحداث فضح المستور، وبانت النوايا السيئة ضد المملكة في محاولته لإدخال إيران عبر بوابة اليمن إلى جزيرة العرب. لهذا السبب هي ليست حرباً طائفية، ولكنها حرب ضد الدوافع السيئة الموجهة ضد الوطن، ومن أجل إعادة اليمن إلى الصف العربي والخليجي، وإخراج النفوذ الإيراني منها.
لكن ذلك لا يعني عدم وجود ظاهرة ملفتة للنظر في المحيط العربي، وفي اليمن على وجه الخصوص، وهي ظاهرة التشيع السياسي، ويتضح ذلك في انتشار ظاهرة التشيع بين السادة في الجنوب اليمني، وتقف خلفها إيران، التي تقوم ثورتها على رفع المظلومية لآل البيت، لكنها تخفي داخلها نبرة شعوبية متطرفة ضد العرب، لذلك كنت دائماً أعتقد أن ما يجري في الوقت الحاضر هو ثورة مضادة جذورها تعود في التاريخ إلى القرون الأولى، وتحمل في باطنها معتقدات شعوبية عدوانية ضد العرب..
في الفترة الزمنية الأخيرة..كانت هناك بالفعل محاولات جادة لتحويل السادة في جنوب اليمن إلى الاثني عشرية، وقد حدثت بعض التحولات، وهم بذلك يضربون العقل العربي في مقتل تاريخي، وما لم تتم معالجة الأمر بالوعي السياسي للأخطار القادمة سيصبح التشيع العربي السياسي خنجراً مسموماً في صدر العرب، كما هو حاصل الآن في العراق وسوريا ولبنان.
الوعي السياسي يبدأ عبر إيضاح الحقيقة حول ما يحدث في الأحواز، والتي تعد منطقة عربية، غالبيتها من الشيعة، لكنهم مع ذلك يتعرضون إلى الاضطهاد بسبب ثقافتهم العربية، وهو دليل على زيف شعار التشيع السياسي في المنطقة العربية، ودليل أن شعار التشيع السياسي موجه ضد العرب، وبرهان ذلك أن الأقلية العربية الشيعية في إيران يعانون الأمرين في ممارسة حقوقهم العربية، وفي المحافظة على تراثهم العربي، بعد أن قام الإيرانيون بتفريس كل الأسماء العربية فيها بدءًا من اسم الولاية التي حولوها إلى «خوزستان»، ثم فرسوا اسم العاصمة «المحمرة» فجعلوها «خرمشهر»، وغيروا أسماء الشوارع والميادين إلى اللغة الفارسية..
وصلت العدوانية للثقافة العربية إلى منع أن تُسمي الأسر أبناءها بأسماء عربية إلا ما كان متصلاً بالمذهب الشيعي كجعفر وعلي، ومنع ارتداء أي ثوب عربي، كما منعت سلطات الجمهورية الإسلامية تدريس اللغة العربية بشكل شامل، ومعاقبة من يضبط متلبسًا بتعليمها، وقامت سلطات الملالي المتطرفة بحملات قمع وحشية زجت بالآلاف من النشطاء العرب في الأحواز في السجون، وأعدمت العشرات منهم في مشاهد إعدام علنية بالميادين العامة لترويع الشعب العربي هناك، فهل يعي الإخوة الشيعة العرب خطورة ذلك، وأن مطالباتهم بالحقوق السياسية لا يجب أن تعني قتل إخوتهم العرب السنة، أو الولاء السياسي لإيران، ثم الدخول في فتنة طائفية دموية، كما يحدث في العراق وسوريا؟!.
كان لابد من عاصفة الحزم التي أطلقها خادم الحرمين الملك سلمان -حفظه الله- والتي فيها رسالة واضحة للجميع أن الأمن العربي خط أحمر، وأن أمن المملكة سيدافع عنه أبناؤه مهما كلف الأمر، كما أن الرسالة الأهم هي للسنة والشيعة العرب في كل المناطق العربية، فالأمر تجاوز مسألة الدين والخلاف المذهبي المعروف، بعد أن أصبح شعار التشيع السياسي معبراً لدخول الأسلحة والعتاد لضرب المناطق العربية تحت شعارات وهمية، لذا كان لابد من مواجهة الأخطار المحدقة بالوطن والأمن الوطني والعربي.. حماك الله أيها الوطن العزيز..