أحمد الناصر الأحمد
أعتقد أن تضخم الأنا حتمية لأغلب الشعراء مهما حاولوا أن يتظاهروا بالتواضع والتجرد من هذه التهمة المزمنة!.. التي أظنها من ملازمات الشعر والشاعر.
نظرة سريعة على جلّ ما كتب من الشعر منذ أن عرفه العرب تكشف جليا تجذّر الأنا في ذات الشاعر العربي وشعره!
أظن أن الأنا والاعتزاز بالذات أمر مقبول ومعقول للشاعر إذا لم يصل إلى مرحلة التورم الممجوج والغرق الموغل بالذات.. وإذا لم تنتقل عدواها من قصائد الشاعر إلى سلوكياته وتصرفاته الشخصية وتعامله مع الناس وتسكنه في أبراج عاجية صنعها وهم مُتخيل.. إذا لم يحدث هذا فالأنا مقبولة في الشعر في حدها المستساغ داخل القصيد لا خارجه!
والفخر الجمعي المبالغ فيه ووضع الفئة أو القبيلة أو المدينة فوق الجميع وكل ما عداها دونها هي (أنا) متضخمة وتأثيرها وضررها أشد من الأنا الفردية التي تتمحور حول ذات الشاعر وحده!
موقن جدا أن التورم مختلف عن السمنة، فالأولى ظاهرة مرضية، بينما الثانية ظاهرة طبيعية.. بالتالي الفخر المحمود والأنا المنضبطة أمر طبيعي في أغلب عطاءات المبدعين، لكن حين تتجاوز سقف المعقول أو تنتقص من الآخر تصبح مذمومة دون شك.
جميل أن يترك المبدع عطاءاته تتحدث عن ملكاته الإبداعية دون أن يحشوها بالفخر والزهو.. ومشكلة الأنا والحد المعقول وغير المستساغ منه أمر شائك لا أستطيع أنا ولا غيري أنا نضع له معايير وضوابط لكنه يحتاج إلى جهد جمعي يحدده نخب من ذوي الاختصاص.. هي أمنية فقط أشك أن تتجسد على أرض الواقع!
خطوة أخيرة:
لـ(المتنبي)
أنا الذي نظَرَ الأعمى إلى أدبي
وأسـْمـَعَـتْ كلمـاتـي مَـنْ بــه صَـمَـمُ
أَنامُ مـــلءَ جـفونـي عــَنْ شـوارِدِهـا
ويسـهـرُ الخـلقُ جَــرّاهــا وَيَخْـتصـِمُ