محمد أبا الخيل
دعيت في الأسبوع الماضي لحضور ملتقى الاتصالات وتقنية المعلومات الذي نظمته هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، هذه الملتقى ليس الأول ولكنه الأول في مبني الهيئة الجديد، وهو ملتقى محلي يهدف لجمع ذوي الاهتمام بصناعة الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة لتبادل المعرفة والتعارف وتمكين فرص التعاون والإبداع، وفي الجلسة الأولى للملتقى ذكر مقدم الجلسة أن مجرياتها ومداولاتها ستكون باللغة العربية وثم تحدث بالإنجليزية لمن لا يتقن العربية موضحًا أن هناك ترجمة آنية من خلال أجهزة مخصصة لذلك، كنت في الصف الثاني فالتفت خلفي لاستطلع الحضور ولاحظت أن معظمهم سعوديون بحكم الملبس وعرب آخرون وقلة ممن لا يتقنون العربية من مظهرهم أيضًا، ولكن المفاجأة كانت في أن رئيس الجلسة المهندس أحمد الفيفي وهو سعودي يدير فرع شركة عالمية (SAP) بادر الحاضرين متحدثًا باللغة الإنجليزية وكأنه لم يسمع تنويه مقدم الجلسة واستعرض مجريات الجلسة وموضوعها ومحاورها، ثم قدم لأحد أعضاء الجلسة وهو الدكتور فريح الشعلان وهو سعودي من الاتصالات السعودية فتحدث وعرض إيجازًا باللغة الإنجليزية، ثم أتى بعده نائب رئيس في شركة موبايلي هو المهندس وائل الغامدي وتحدث وأوجز هو أيضًا باللغة الإنجليزية، ثم أتى المهندس بدر عزوقة وهو سعودي يمثل شركة فايرأي وفعل مثل ما فعل سابقاه، قلت في نفسي ربما أن العذر لهم كون هذه عروض الإيجاز قد أعدت من متخصصين غير عرب ولذا أصبح من الأجدى عرضها باللغة التي أعدت بها، ولكن رئيس الجلسة عندما فتح مداولات الجلسة دعا الأستاذ راكان طربزوني وهو سعودي يمثل شركة مايكروسوفت ودعا الأستاذ سيثا رامان وهو هندي يمثل شركة ويبروا واستمرت المداولات باللغة الإنجليزية وعندما فتح المجال لتساؤلات الحضور سأل أحد الحضور باللغة العربية فجاءه الرد من رئيس الجلسة وأحد المشاركين باللغة الإنجليزية، وقد طلبت المداخلة من رئيس اللجنة ولكن الوقت قد انتهى، فأبلغت ملاحظتي حول إهمال اللغة العربية للدكتور سليمان مرداد نائب المحافظ وتركت الملتقى.
في مقالي هذا أعتب على كل متعلم وكل مدير وكل من يسمح بأن يستهان بلغته العربية، اليوم معظم المتنفذين السعوديين في القطاع الخاص يتحدثون الإنجليزية، بل إن كثيرًا من طلبة المدارس الابتدائية يتحدثون الإنجليزية، لذا لم تعد هذه اللغة ميزة يمتاز بها المثقف ويستدعي الإعجاب بإتقانها، هذه إذا كان يتحدث بالإنجليزية ليثبت مقدرته بها، أما إذا كان يتحدث بها لأن لغته العربية قاصرة أو ناقصة عن إيصال المعنى الذي يريد فذلك أمر جلل وخلل لا بعده خلل، فاللغة العربية هي من أكثر لغات العالم ثراء في تعابيرها وهي لغة لديها إمكانات هائلة في استيعاب تعابير وكلمات وأسماء جديدة. فالدكتورعدنان عيد وهو أحد علماء حوسبة اللغة العربية يقول: «اليوم تعتمد اللغة العربية على (11000) جذر في حين أن إمكاناتها تصل إلى (24000) جذر»، إذا القصور ليس في اللغة العربية، بل هو في عدم القدرة على التعبير بها. وعدم التعبير باللغة العربية في المنتديات ذات الصبغة الدولية وذات الطبيعة المتخصصة أمر مقبول ولكن عندما يكون المنتدى محليًا ومفتوحًا للعموم والحضور معظمهم مواطنون والطبيعة غير تخصصية عندها يصبح استخدام لغة غير العربية نشازًا غير مقبول.
أتمنى أن نعتني بلغتنا ونظهرها حتى تكون لغة العلم والأعمال وأن ندحض حجة من يقول إن اللغة العربية قاصرة عن استيعاب مصطلحات التقنية والعلوم وهنا أطلب من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أن تنشر قاموسها العلمي الذي طورته منذ عدة سنين وأن تعتمده الجامعات والهيئات العلمية والتنظيمية في المملكة.