إبراهيم بن سعد الماجد
الرياض العاصمة السياسية التي لا تتثاءب، من أنحاء العالم الوفود تتقاطر، في اعتراف صريح بأن المملكة العربية السعودية كما هي قبلة المسلمين في صلاتهم بوجود بيت الله الحرام، فهي كذلك قبلة العالم سياسياً بوجود قائد له ثقله السياسي الذي يعرفه العالم منذ أكثر من نصف قرن. كتب بعض المحللون الغربيون والعرب عن مستقبل المنطقة بعد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم..كتبوا بلغة التاريخ ولغة الإنجاز الذي يعرفه كل المشتغلين بالسياسة الدارسين للتاريخ.
الرياض وخلال أيام الأسبوع تستقبل زعماء لهم ثقلهم وحضورهم على المستوى الدولي وليس الإقليمي فحسب.. الرياض العاصمة التي صار اسمها الأكثر ترديداً في كافة وسائل الإعلام العربية والغربية، لم يكن هذا الحضور الإعلامي مجرد زوبعة إعلامية، بل كان حضور سياسي مؤثر يعقبه تغيرات هامة ومؤثرة.
ملك في حجم سلمان بن عبدالعزيز محاط بولي عهد وولي ولي عهد ووزير دفاع لهم حضورهم القوي والملفت، بل والمخيف لكل عدو ومتربص. إذا نظرنا لواقع المنطقة فهو واقع مؤلم جداً، بل متشابك تشابك معقد وخطير لا يقدر على -فلفلته- إلا من يملك نفس طويل ودهاء كبير وحكمة بالغة، وإلا فإن وضع العراق المؤلم على مدى عقدين من الزمان والذي زاد تعقيداً بهذه الجماعة الإرهابية (داعش) وما يتبعها من جماعات خارجية دموية غير إنسانية، وضع العراق لوحده يحتاج إلى جهد مضنٍ فكيف وقد صارت سوريا أشد فساداً وخراباً من الوضع العراقي، مما عقد المسألة أكثر وأكثر، كما أن الوضع الليبي مؤثر بشكل أو بآخر على مجريات الأحدث كونه مؤثراً بشكل مباشر على الوضع المصري الذي يعاني -وأعني المصري- من حمى يصعب التنبؤ بانقشاعها، ومصر لها ثقلها السياسي والعسكري في المنطقة، ولا يمكن أن تكون دولة محايدة.
وإذا نظرنا في الوضع اليمني فإن ما يحدث فيه يعد من أكبر النكبات التي حلت بهذا البلد الذي يطلق عليه سعيداً فبات اليوم اليمن الكئيب بما ظهر فيه من خيانات كبرى لم تكن معروفة من قبل في هذا البلد القبلي الأصيل.
كل هذه الأحداث يزيدها سخونة التدخل الإيراني في سوريا والعراق واليمن، والعبث الذي تحاول أيضاً أن تحدثه في الشقيقة الصغرى البحرين بين آونة وأخرى.
ملفات ساخنة جداً تحتاج إلى الكثير من الوقت والكثير من الحكمة والدهاء، بدت معالم حلحلتها تظهر في هذه اللقاءات المتتابعة لكبار زعماء العالم سياسياً واقتصادياً.
سألتني إحدى وسائل الإعلام العربية عن الملك سلمان وهذا الحراك الكبير وسألني صديق سياسي سوداني عن الرياض وهذه الحركة المتوهجة التي جعلت من الرياض العاصمة السياسية التي لا تتثاءب، فقلت إن سلمان بن عبدالعزيز مهندس الرياض يأتي اليوم ليقول للعالم أجمع أن الرياض هي الرياض القبلة لكل العالم، المؤثرة في كل مفاصل القرارات الدولية، وأن هم وحدة الأمة وصلاح أحولها هو همي، وهذا ما قاله في أول كلمة له -حفظه الله- بعد توليه الحكم حيث قال: (إن أمتنا العربية والإسلامية هي أحوج ما تكون اليوم إلى وحدتها وتضامنها، وسنواصل في هذه البلاد التي شرفها الله بأن اختارها منطلقاً لرسالته وقلة للمسلمين، مسيرتنا في الأخذ بكل ما من شأنه وحدة الصف وجمع الكلمة والدفاع عن قضايا أمتنا، مهتدين بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي ارتضاه المولى لنا، وهو دين السلام والرحمة والوسطية والاعتدال).
هل ثمة تغير في بعض المواقف السعودية من بعض القضايا؟.. هذا هو السؤال الذي يتردد هذه الأيام كثيراً، وكأن من يطرحه يتوجس خيفة من أمر ما!! وأعتقد أن الإجابة على مثل هذا السؤال أن المواقف السعودية لا تتغير وإنما تتطور لما فيه مصلحة الوطن والمواطن أولاً ومصلحة الأشقاء العرب والمسلمين وخير البشرية جمعاء، وكما يقال لكل حدث حديث، ولكل مقام مقال، والملك سلمان بن عبدالعزيز له رؤية ثاقبة بعيدة المدى، كما أنه ممن يغلب مصلحة الكل على البعض، وهذه نقطة يجب أن يفهما من يطرح مثل ذلك السؤال.
وأمر آخر في غاية الأهمية وهو أن فريق العمل الذي أختاره الملك المفدى يُعد فريقاً كبيراً متميزاً فالأمور لا تدار فردياً وإنما من خلال فريق عمل كبير متمكن، وكمثال على ذلك مجلس الشؤون السياسية والأمنية لذي يرأسه ولي ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز.
الرياض تستقبل زعماء العالم وساستها وكل المؤثرين من أجل أن يعود للعالم بأسره أمنه ورخاءه واستقراره.
هنا الرياض.. هنا سلمان بن عبدالعزيز وكفى مجداً وإنجازاً.