إبراهيم بن سعد الماجد
الإرهاب من أي مصدر كان مرفوض، والمسلم لا يمكن أن يكون مؤذياً بالقول فكيف بالفعل (لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا اللَّعَّانِ وَلا الْفَاحِشِ وَلا الْبَذِيءِ) كما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولقد نفَّر الشرع المطهر من القتل، وأغلظ في الزجر عنه، حتى إن أول من سنَّ القتل في البشرية - وهو قابيل ولد آدم عندما سولت له نفسه قتل أخيه هابيل - ليناله جزءٌ من عقوبة من استنَّ بسنته من الخلق فيما بعد إلى يوم الدين، وكان له كفل من دم المقتول ظلمًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تُقتل نفسٌ ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفلٌ من دمها لأنه كان أول من سن القتل) لأن حق الحياة لا يجوز التصرف فيه إلا لله تعالى المحيي المميت.
هذا الأمر يعرفه أهل السنة، ومن يدعي أنه منهم ويقوم بخلاف ذلك من قتل وترويع للآمنين فهو في حقيقة الأمر خارجاً عن الجماعة، ويوصف بأنه من الخوارج الذين استحلوا الدماء، وتهاونوا فيها أيما تهاون، بل أنهم دخلوا باباً خطيراً ألا وهو باب تكفير الناس بالمعاصي، ووصفهم بالمرتدين الذين يحل دمهم ومالهم.
كل هؤلاء الذين يقاتلون في مواطن الصراع هم في الحقيقة خارجين ومفارقين للجماعة ولا يمثلون أهل السنة حتى وإن أدعوا ذلك، المصيبة أنهم يصنفون من أهل السنة ويزج بأهل السنة في هذا الأمر، وبالتالي نتهم كسنيين من قبل الغرب بالإرهاب!!
في المقابل تقوم إيران والمليشيات الشيعية المختلفة بأعمال تقتيل وتشريد وترويع في أكثر من مكان سواء في العراق أو سوريا أو اليمن، ومع كل ذلك لم نسمع أن هناك إرهاباً شيعياً، أو أن هذه المليشيات إرهابية ويجب وضعها في قائمة الجماعات الإرهابية التي يجب محاربتها والقضاء عليه من قبل المجتمع الدولي!!
السؤال الذي يفرضه هذا التعامل، هل الغرب وتحديداً أمريكا شركاء لإيران وهذه المليشيات الشيعة في هذه الحروب؟ سؤال أراه منطقياً في ظل صمتهم عن هذا الإرهاب الشيعي المكشوف في أكثر من مكان، بل إننا صرنا شبه متأكدين بأن آلة الحرب الموجهة للإرهاب تتحاشى وعن قصد أي تنظيم شيعي على أرض المعركة!
المملكة العربية السعودية تواجه العالم بأسره بسياسة حكيمة واعية، تهدف إلى حماية المنطقة من ويلات التطرف والتناحر الذي يودي بمقدرات هذه الدول وينشر الخوف والقلاقل، سواء بموقفها الواضح والصريح مما يدور في العراق وسوريا، أو بموقفها مما يحصل في اليمن، ليس من منطق طائفي وإنما من منطق إنساني.
القوى العظمى تحارب تنظيم يدعي الغرب بأنه خطر عظيم على السلم العالمي، ولا نرى حراكاً ضد من هددوا وما زالوا يهددون الاستقرار في المنطقة، وما زالوا يستبيحون الدماء الطاهرة في أرض الشام، بل يعلنون دعمهم وتأييدهم للقاتل المتجبر!! بل صامتون عن الاحتلال الإيراني لسوريا - كما وصفه سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل -
الشر.. هو الشر، أياً كان مصدره، ونحن لا نقبل الكيل بمكيالين في هذه المسألة، فالقضاء يجب أن يكون على أي فئة أو جماعة أو منظمة تهدد أمن المجتمعات، وإلا فإننا مقبلون على نماء جماعات غاضبة حانقة على كل ما هو غربي، وكل من يتعامل مع الغرب، وهذا بلا شك سيكون عند انتشاره من الصعب القضاء عليه نظراً لعدم محدودية مكانه.
إن المطلوب من عقلاء العالم أن ينظروا بمنظار أكثر واقعية وأكثر نزاهة لهذا الملف الخطير جداً، ليس والله من أجل حماية منطقتنا فحسب، ولكن من أجل العالم بأسره، ولعل في الدروس الماضية عبرة للمعتبرين.