عبدالحفيظ الشمري
لم تعد مرافق الترفيه كما كانت في السابق؛ مجرد باحات مفروشة بالرمل، وخالية إلا من أخشاب وحبال تعلق فيها الأرجوحات البسيطة، أو حدائق متواضعة للأشجار والخضرة فقط، أو «حديقة حيوان» تضم ما تيسر من الحيوانات الأليفة والمفترسة، مما يعد ترفيهاً، وترويحاً في ذلك الزمن.
أبداً.. فالمشهد الترفيهي في هذه الأيام تغير تماماً، وتطور بشكل غير عادي، فأصبح عالماً زاهياً، وخياراً اقتصادياً فريداً، يدار بمؤسسات وشركات عملاقة، وتنفق عليه الملايين ليُدِرَّ أضعافها، فلم تعد الأماكن القديمة للترفيه سوى ذكرى، نطالع ما تبقى منها ونبتسم فقط.
فحينما نتناول أهمية الترفيه والسعي إلى عمل جاد ومفيد، لا بد لنا إلا أن نوائم بين البيئة وحياة المجتمع، لأنهما عنصران يكملان بعضهما بعضا، لذلك من المهم أن تكون بيئة الترفيه سليمة، وفضاؤها نقيا، وأن تكون آمنة من أجل أن تحقق أهداف هذه المشاريع، وان تكون مطابقة للمعايير الأمنية والأمان والجودة وتوفر معطيات قيامها.
وقد يتطور الأمر في مجال الترفيه وبيئته كبناء المجمعات العملاقة، والصالات المتكاملة، وتشييد الملاعب والأرصفة وممرات رياضة المشي والجري، لكي تكون من قبيل وسائل الرياضة والترفيه، لتندمج في هذا السياق بصور البحث عن الصحة والرشاقة والجري والتعرض للهواء النقي، وهذا ما تتطلبه الباحات والأرصفة وأماكن الترفيه التي تلهث وراءها مجالات القطاع الخاص الذي يبحث عن الربح، ولا مشاحة في ذلك طالما انه يقدم أنشطة ترفيهية متميزة، وحلولا مفيدة لرواد هذه الأماكن.
أما في المجال الحكومي فأمر آخر يمكن أن يحقق معادلة جميلة ومفيدة تتمثل في أهمية استغلال مرافق المدارس والمعاهد والجامعات لعمل أنشطة تسهم في خلق بيئة ترفيهية مناسبة، أي أن تعد بيئة المدارس والجامعات من خلال الرياضة والترفيه، وذلك بأن تكون هناك منشآت وأرضيات لممارسة الرياضة والجري والسباحة، وأن يكون الترفيه من قبيل صالات العرض المرئي، ومسرح وقاعات النشاط، والتدريب، وتعليم اللغات، وما إلى ذلك من وسائل تدمج الترفيه والتسلية بالرياضة، أما إن لم يستطع قطاع التعليم الحكومي فإن الأمر قد يكون مناسباً للمدارس الأهلية التي قد يكون لديها موارد مالية، ليستفيد المجتمع من هذه المرافق في كل حي من أحياء هذه المدن.
فحينما تتحول المدرسة ومرافقها الحيوية وبيئتاها الترفيهية والتعليمية المتكاملة - بعد وقت العصر ـ إلى عنصر جذب فإن هذا هو الدور الأهم لها، لتكون مكانا نابضا بالحياة والعطاء والتميز، لعل جيل اليوم يتحرك قليلا من خلال الرياضة والسباحة والتدريب وحصص التعليم اللامنهجي، لتكتمل في هذا السياق منظومة العمل الترفيهي، ويكون الطالب مشدودا إلى المدرسة، ومدركا لدورها المهم ومتفاعلا مع أنشطتها.
إلا انه من الضروري - كما أسلفنا - أن تكتمل منظومات العمل في أماكن الترفيه، وصيانتها، وحماية البيئة، والتخطيط لديمومتها، وتطويرها، وعدم تركها فريسة للإهمال، وذلك من خلال عمل إداري وفني مشترك، والاستفادة من التجارب الأخرى، لكي نجعل من هذه المرافق فرصة للترفيه، وممارسة الرياضة والنشاط الثقافي والتعليمي الهادف.